فتنه لویه (بله برخه): علي او زامن یې
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
ژانرونه
ملك المال قلوب أصحاب المال فقاتلوا عليه في العراق وقاتلوا عليه في الشام، وانتصر علي في العراق ولكنه انتصار لم يكد يتم حتى نسيه المغلوبون والغالبون جميعا، فما أسرع ما ذكر أهل البصرة عثمانيتهم بعد الجمل! وعثمانيتهم هذه ليس معناها حب عثمان والطلب بدمه فحسب، وإنما معناها أوسع من ذلك وأشمل، معناها هذا النظام الذي عرفوه فألفوه، نظام الطمع والجشع والتنافس في المال والتهالك عليه، والضيق بتلك الحياة التي فرضها عمر على العرب والتي كان علي يريد أن يعود إلى فرضها عليهم.
وقد شكا ابن عباس أهل البصرة إلى علي أنهم بعد خروجه عنهم إثر وقعة الجمل عادوا إلى شيء من الاضطراب لم يرضه منهم ابن عباس، لم ير منهم ما كان ينتظر أن يرى من الانقياد والطاعة السمحة، فكتب إليه علي هذا الكتاب الذي إن دل على شيء فإنما يدل على أن عليا قد فهمهم حق فهمهم، وأراد أن يستصلحهم ما وجد إلى ذلك سبيلا:
أتاني كتابك تذكر ما رأيت من أهل البصرة بعد خروجي عنهم، وإنما هم مقيمون لرغبة يرجونها أو عقوبة يخافونها، فأرغب راغبهم واحلل عقدة الخوف عن راهبهم بالعدل والإنصاف له إن شاء الله.
هم مقيمون على رغبة يرجونها أو عقوبة يخافونها، هذا حق ليس فيه شك، ولكن الدواء الذي اقترحه علي لم يكن ميسورا، فهو أراد أن يرغب الراغب ويحل عقدة الخوف عن الخائف، ولكنه أراد أن يكون هذا كله في حدود العدل والإنصاف.
والعدل لا يرغب راغبا وإن حل عقدة الخوف عن الخائف، وليس أدل على ذلك من أن عبد الله بن عباس لم يبلغ ما أراد علي من السياسة، وإنما أراد أن يرغب الراغبين فرغب معهم، فلما شكاه أبو الأسود إلى علي ولامه علي فيما فعل، حمل ما قدر عليه من بيت المال وفر به إلى مكة فأقام فيها بماله الكثير، وهم أهل البصرة أن يستجيبوا لمعاوية وأن يثوروا بزياد، لولا أن عليا زاد عقدة الخوف عليهم تعقيدا، فأرسل إليهم جارية بن قدامة الذي حرق فريقا منهم بالنار تحريقا.
ثم لم يكن المنتصرون مع علي يوم الجمل خيرا من المغلوبين، طمعوا في مال أهل البصرة بعد أن انتصروا عليهم، فلما ردهم علي عن ذلك جمجموا، وقال قائلهم: يبيح لنا دماءهم ثم لا يبيح لنا أموالهم!
ثم ذهب أهل الكوفة مع علي إلى صفين فقاتلوا وكادوا ينتصرون، ولكن المال أفسد على أشرافهم ورؤسائهم أمرهم كله، فكان رفع المصاحف وكان إكراه علي على قبول التحكيم.
ومنذ ذلك اليوم ظهر أن الثورة قد أخفقت، وظهر أن عليا لن يبلغ من إحياء سيرة عمر ما كان يريد، ثم لم يكن علي وحده هو الذي ظهر إخفاقه، فهذا أبو موسى الأشعري الذي اختاره أهل اليمن حكما على غير رضى من إمامهم تبين في وضوح واضح أنه كان يرى رأيا مخالفا أشد الخلاف لرأي الذين اختاروه، كان يريد أن يبايع للطيب ابن الطيب عبد الله بن عمر ليحيي اسم عمر وسيرته، ولم يكن أهل اليمن يريدون عمر ولا ابنه ولا أحدا من الذين يشبهونهما، وإلا ففيم كانت خيانة علي وفيم كان استكراهه على ما لا يريد؟!
ثم تبين أن أهل الحجاز لم يكونوا خيرا من أهل البصرة والكوفة، فكثير منهم كانوا يتسللون إلى الشام إيثارا لدنيا معاوية، حتى شكا أمير المدينة سهل بن حنيف إلى علي من ذلك، فعزاه علي عن هؤلاء المتسللين كما رأيت.
وليس من شك في أن كثيرا من أهل مكة كانوا يفعلون فعل نظرائهم من أهل المدينة، بل ليس من شك في أن كثيرا من الذين كانوا يقيمون في الحرمين ويؤثرون البقاء في الحجاز على الذهاب إلى الشام كانوا يتلقون من معاوية هداياه ومنحه، لا يرون بذلك بأسا ولا يجدون فيه حرجا.
ناپیژندل شوی مخ