فتنه لویه (بله برخه): علي او زامن یې
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
ژانرونه
وكان رد الخوارج عليه مقنعا حاسما فقالوا: إن ما نص الله عليه من الأحكام لا تجوز المخالفة عنه، وما أذن للناس فيه في الرأي جاز لهم أن يجتهدوا فيه برأيهم، ألا ترى إلى أمر الله في الزاني والسارق وقاتل النفس المؤمنة بغير حقها، فليس للإمام أن يخالف عن هذا الأمر ولا أن يغير فيه، وأمر الله في معاوية وأصحابه واضح في آية الطائفة الباغية، فلم يكن لعلي أن يغيره، وإنما كان الحق عليه أن يمضي في قتال هؤلاء البغاة حتى يفيئوا إلى أمر الله.
وتقدم صعصعة بن صوحان من أصحاب ابن عباس فوعظهم وخوفهم الفتنة، فيقال إن قوما منهم نحو ألفين عادوا إلى الكوفة مع ابن عباس، ويقال إن عليا أرسل ابن عباس وأمره ألا يناظر القوم حتى يلحقه، فتعجل ابن عباس هذه المناظرة وأدركه علي، وقد كاد القوم يظهرون عليه، فأخره وتقدم فناظر القوم حتى ردهم إلى الصواب.
وأنا أرجح أن عليا اكتفى أول الأمر بإرسال ابن عباس في جماعة من أصحابه، فلما رأى أنهم لم يغنوا الغناء الذي كانوا يرجوه ذهب بنفسه إلى الخوارج بعد أن أرسل إليهم في أن يندبوا للمناظرة اثني عشر رجلا منهم، ويأتي هو في مثلهم. ثم خرج علي حتى أتى فسطاط يزيد بن مالك الأرحبي، وكان الخوارج يعظمونه ويطيفون به، فصلى في الفسطاط ركعتين ثم تقدم فناظر الناس، سمع منهم حجتهم وهي واضحة قد قدمناها من قبل غير مرة، ثم رد عليهم بما تعود أن يقول دائما من أنه لم يكره القتال ولم يدع إلى تركه، وإنما كرهه أصحابه واستكرهوه على وضع الحرب كما استكرهوه على قبول الحكومة، وكأن الخوارج قبلوا منه أن يذعن حين استكرهه أصحابه على ترك القتال، ولكنهم لم يفهموا كيف استكرهوه على قبول الحكومة، فهو لا يستطيع أن يقاتل وحده، ولا يستطيع أن يقاتل بالقلة من أصحابه حين ينخذل عنه أكثرهم، ولكنه في رأيهم كان يستطيع - لا أدري كيف - أن يرفض الحكومة وليس لأحد أن يكرهه عليها، فرد عليهم بأنه كره أن يتأول الناس عليه قول الله عز وجل:
ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون .
كما كره أن يتأول الناس عليه آية التحكيم في الصيد وآية التحكيم في الشقاق، وقالوا: فلم لم تثبت في الصحيفة أنك أمير المؤمنين؟ أتراك شككت في إمرتك؟ قال علي: فإن رسول الله
صلى الله عليه وسلم
محا من صحيفة الحديبية وصفه بأنه رسول الله، وما شك في نبوته ولا في رسالته.
ثم عاد علي إلى أمر الحكمين، فقال: إنه أخذ عليهما العهد أن يحكما بما في كتاب الله، فإن وفيا بما أعطيا من العهد فالحكم له، ما في ذلك شك، وإن خالفا عما في كتاب الله فلا حكم لهما، وليس بد حينئذ من النهوض لحرب أهل الشام، وكأن القوم قد تأثروا بحجج علي ورأوا منه مقاربة شديدة لهم، وأحس علي ذلك فأبلغ في مقاربتهم وقال: «ادخلوا مصركم رحمكم الله.» فدخلوا معه عن آخرهم، ولكنهم دخلوا وبينهم وبين علي شيء من سوء التفاهم كما يقال الآن، يرى علي أنه قد أقنعهم بقبول الحكومة وانتظار ما ينتهي إليه الحكمان، ويرون هم أن عليا قد قاربهم أشد المقاربة، وأنه لا ينتظر إلا أن يستريح الجيش ويسمن الكراع ويجدد السلاح، ثم ينهض بهم إلى عدوهم.
وقد جعلوا يتحدثون بذلك في الكوفة حتى شاع ذلك بين الناس، ولعله تجاوز الكوفة وانتهى إلى أهل الشام بواسطة عيونهم الذين كانوا يقيمون بين أظهر الكوفيين، فقد جاء رسول معاوية يستنجز عليا الوفاء ويحذره أن يلفته عنه أعراب بكر وتميم، وجعل علي يكذب ما أرجفت به المحكمة من عدوله عن الحكومة.
ثم أشخص أبا موسى إلى مكان الحكومة وأرسل معه أربعمائة من أصحابه عليهم شريح بن هانئ، ومعهم ابن عباس يصلي بهم، فعاد الأمر بينه وبين المحكمة إلى الفساد، جعلوا يقاطعونه في الخطبة محكمين من جوانب المسجد، وجعل علي يقول - كلما سمع قولهم: «لا حاكم إلا الله»: كلمة حق أريد بها باطل. وقطع بعضهم على علي خطبته تاليا قول الله عز وجل:
ناپیژندل شوی مخ