فتنه لویه (بله برخه): علي او زامن یې
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
ژانرونه
في أهل مكة. ثم جلس لهم فبايعوه على راياتهم، بايعه منهم الصحيح والجريح، ثم عمد بعد ذلك إلى بيت المال، فقسم ما وجد فيه على الناس، وقوم يرون أنه قسمه في أصحابه دون خصمه من أهل البصرة، ووعدهم مثل ذلك إلى أعطياتهم إن أظفرهم الله بأهل الشام، والأشبه بسيرة علي أنه قسم المال في الغالبين والمغلوبين جميعا. ومن أجل ذلك غضب الثائرون بعثمان؛ لأنه لم يفرق بين شيعته وبين عدوه، وغضبوا كذلك لأنه لم يبح لهم أن يأخذوا ما ظفروا به بعد الهزيمة، وقال قائلهم: أحل لنا دماءهم وحرم علينا أموالهم!
ويقول بعض المؤرخين: إن هؤلاء الثائرين - الذين يحب الطبري ورواته أن يسموهم السبئية - قد خفوا من البصرة إلى الكوفة؛ فأعجلوا عليا واضطروه إلى أن يلحقهم مخافة أن يحدثوا في الكوفة حدثا. وأكبر الظن أن الأمر لم يبلغ بهم هذا الحد، وإنما جمجموا ببعض ما وجدوا من الغضب ثم لم يزيدوا على ذلك ، كما جمجم الأشتر - فيما يروى - حين ولى علي على البصرة عبد الله بن عباس. وقال الأشتر - فيما يروى: ففيم قتلنا الشيخ إذن؟! عبد الله على البصرة وعبيد الله على اليمن وقثم على مكة، وكلهم من بني العباس. ويزعم رواة الطبري أن الأشتر غضب وارتحل مسرعا إلى الكوفة، فأمر علي بالرحيل ليلحق به قبل أن يحدث حدثا.
وما أرى إلا أن هذا كله قد تكلفه الرواة بأخرة، وما أكثر ما كان الناس ينكرون من خلفائهم هذا الأمر أو ذاك ثم لا يتجاوزون هذا الإنكار بألسنتهم! أنكروا على أبي بكر، وأنكروا على عمر، وأنكروا على عثمان في الصدر الأول من خلافته، ثم لم يزيدوا على ذلك شيئا.
والناس يختلفون في المدة التي أقامها علي بالبصرة، قوم يرون أنه لم يقم فيها إلا شهرا أو أقل من شهر، وقوم يرون أنه أقام فيها شهرين أو أكثر قليلا، ونميل نحن إلى أنه لم يطل المقام في البصرة، وإنما كانت أمامه أمور دبرها ثم ارتحل إلى الكوفة متعجلا، يريد أن يستعد لحرب أهل الشام بعد أن صرفته عن حربهم فتنة هؤلاء الذين كان يسميهم الناكثين؛ لأنهم بايعوا ثم نقضوا البيعة. وكان من أهم هذه الأمور أن يفرغ من أمر الموقعة وأعقابها، وأن يطمئن على أمر البصرة بعد انصرافه عنها، وقد جعل يستصلح الناس فيعفو عنهم ويعطيهم الرضى، ويؤمن الخائف منهم ويتجاهل مكان العدو.
وقد أظهر الجهل بما كان من أمر جماعة بني أمية، أصابتهم جراحات في الموقعة وأشفقوا ألا يؤمنهم علي فتشتتوا في الأرض وطلبوا الجوار إلى أشراف العرب، فأجاروهم وأقاموا على تمريضهم ثم أبلغوهم مأمنهم، وعلي يعلم هذا كله ويخفي علمه به لأنه لم يكن يريد بأحد بعد الموقعة شرا، وكان يعلم أن عائشة قد ضمت إليها كثيرا من الجرحى، فلم يعرض لهم بسوء ولم يخف علمه بمكانهم، وإنما قاله لصفية بنت الحارث حين اعترضته شاتمة له داعية عليه.
واستخفى عبد الله بن الزبير بجراحاته الكثيرة، ثم أرسل إلى أم المؤمنين ينبئها بمكانه وطلب إلى رسوله ألا يؤذن بذلك محمد بن أبي بكر؛ فذهب الرسول فأبلغ أم المؤمنين، فأرسلت إلى أخيها محمد وقالت له: اذهب إلى مكان ابن أختك فأتني به. وذهب محمد إلى ابن أخته فأتى به، وجعل يتشاتمان طول الطريق، يشتم محمد عثمان ويشتم عبد الله خاله محمدا.
وكذلك ثاب الناس إلى كثير من العافية والإسماح، وجعلت ثورة القلوب تهدأ قليلا قليلا وتترك فيها حسرات تختلف قوة وضعفا باختلاف هذه القلوب.
وكانت عائشة - فيما يروي المؤرخون والمحدثون - أشد المغلوبين حسرة وأعظمهم ندما وكانت تتلو:
وقرن في بيوتكن
إلى آخر الآية، ثم تبكي حتى يبتل خمارها، وكانت تقول: وددت لو أني مت قبل هذا اليوم بعشرين عاما. وكانت تقول بعد رجوعها إلى الحجاز: والله إن قعودي عن يوم الجمل لأحب إلي لو أتيح لي من أن يكون لي عشرة بنين من رسول الله
ناپیژندل شوی مخ