فتنه لویه (بله برخه): علي او زامن یې
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
ژانرونه
مع أخيه هانئ بن عدي فيمن وفد عليه من قومهما، ثم شارك في حرب الشام وأحسن فيها البلاء، وكأنه كان في مقدمة الجيش الذي دخل مرج عذراء قريبا من دمشق، ثم تحول إلى العراق فشارك في غزو بلاد الفرس وأبلى أحسن البلاء في نهاوند، ورابط في الكوفة مع المرابطين بعد الفتح، وكان رجلا حرا صادق الدين يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويرضى عن السلطان إن أحسن، ويسخط عليه إن أساء، وكان بعد صلح الحسن معارضا لسلطان معاوية وعامله المغيرة بن شعبة، ولكنه لم يخلع يدا من طاعة، وإنما كان - كما كانت عامة أهل الكوفة - يذعن للسلطان وينتظر كما قال الحسن: أن يستريح بر أو يموت فاجر. وكان ينكر أشد الإنكار سنة بني أمية في شتم علي وأصحابه على المنبر، ولم يكن يخفي إنكاره، وإنما كان يبادي به المغيرة بن شعبة، وكان المغيرة يعفو عنه وينصح له ويحذره بطش السلطان .
وكأن موت الحسن ومصير الأمر إلى الحسين قد رفع أهل الكوفة إلى أن يشتدوا في معارضتهم أكثر مما كانوا يفعلون من قبل، وكان حجر رأس المعارضين، وقد خطب المغيرة ذات يوم وأخذ في شتم علي وأصحابه كما تعود أن يفعل، فوثب حجر فأغلظ له في القول وطالبه بأن يؤدي إلى الناس ما أخر من عطائهم، فهذا أنفع لهم وأجدى عليهم من شتم الأخيار والصالحين، ووثب قوم من أصحاب حجر فصاحوا بمثل صياحه وقالوا بمثل مقالته، حتى اضطر المغيرة أن يقطع حديثه وينزل عن المنبر ويدخل داره، وقد لامه في هذا اللين قوم من أصحابه، فزعم المغيرة أنه قتل حجرا بحلمه عنه؛ لأنه سيطمع في الأمير الذي سيخلفه، فيقتله هذا الأمير لأول وهلة، وكره المغيرة أن يقتل خيار أهل المصر ليسعد معاوية في الدنيا ويشقى هو في الآخرة.
وأقبل زياد واليا على الكوفة، وكان لحجر صديقا، فقربه ونصح له بإيثار العافية وحذره من الفتنة وخوفه من بأسه إن جعل على نفسه سبيلا، ولكن الأمر لم يلبث أن فسد بين حجر وزياد، وظهر هذا الفساد حين قتل عربي مسلم رجلا من أهل الذمة، فكره زياد أن يقيد من العربي المسلم لذمي، وقضى بالدية، وأبى أهل الذمي قبول الدية وقالوا: كنا نخبر أن الإسلام يسوي بين الناس ولا يفضل عربيا على غير عربي، وغضب حجر لقضاء زياد وأبى أن يسكت على إمضائه، وقام الناس معه في ذلك حتى أشفق زياد من الفتنة إن أمضى قضاءه، فأمر بالقصاص على كره منه، وكتب في حجر وأصحابه إلى معاوية يشكو صنيعهم، فكتب إليه معاوية أن ينتظر به وبأصحابه أول حجة تقوم عليه.
ويحدث المؤرخون أن حجرا وأصحابه انتهزوا عودة زياد إلى البصرة، فجعلوا يشغبون على نائبه إذا شتم عليا وأولياءه في خطبته، وجعلوا ينكرون عليه كثيرا من أعماله ويشددون في النكير، حتى أحس النائب عمرو بن حريث شيئا من الحرج، وكتب إلى زياد يتعجل عودته إلى الكوفة ويذكر له صنيع المعارضين؛ فلما قرأ زياد كتابه قال : ويل أمك يا حجر، وقع العشاء بك على سرحان.
ثم أقبل مسرعا إلى الكوفة فأنذر وحذر، ولم يعجل بالتعرض لحجر وأصحابه، حتى إذا خطب ذات يوم فأطال الخطبة أظهرت الشيعة مللا، وصاح حجر: الصلاة. فمضى زياد في خطبته، فصاح حجر مرة أخرى: الصلاة. وصاح معه أصحابه، وهم زياد أن يمضي في خطبته، ولكن حجرا وقف وهو يصيح: الصلاة. ووقف معه أصحابه يصيحون كما كان يصيح، فقطع زياد خطبته ونزل، فصلى وتفرق الناس.
وأرسل زياد إلى جماعة من وجوه الكوفة فأمرهم أن يأتوا حجرا، وأن يكفوا عنه من يطيف به من عشائرهم، وأن يردوه عن هذه الطريق التي أخذ في سلوكها، ولكن هؤلاء الوجوه من أهل الكوفة لم يبلغوا من حجر شيئا، فعادوا إلى زياد فأنبئوه من أمر حجر بأشياء وكتموه أشياء أخرى - فيما يقول المؤرخون - وطلبوا إليه أن يستأني بحجر، فلم يسمع منهم، وإنما أرسل من يدعو له حجرا، فامتنع عليه.
فأمر الشرطة أن يأتوه به، فكان بين الشرط وأصحاب حجر تناوش، واستخفى حجر فلم يقدر عليه زياد، حتى أخذ محمد بن قيس بن الأشعث زعيم كندة، وأمر بسجنه، وتوعده بالقتل والمثلة إن لم يأته بحجر، فجاءه بعد أن أخذ منه أمان حجر على نفسه حتى يرسله إلى معاوية فيرى فيه رأيه، فأعطى زياد هذا الأمان.
وأقبل حجر، فأمر زياد بإلقائه في السجن، وجد في طلب من قدر عليه من أصحابه، حتى جعل في السجن مع حجر ثلاثة عشر رجلا بعد خطوب ومحن.
ثم طلب إلى أهل الكوفة أن يشهدوا عليهم، فشهد قوم بأنهم تولوا عليا وعابوا عثمان ونالوا من معاوية، فلم يرض زياد هذه الشهادة، وقال: إنها غير قاطعة، فكتب له أبو بردة بن أبي موسى الأشعري شهادة بأن حجرا وأصحابه قد خلعوا الطاعة، وفارقوا الجماعة، وبرئوا من خلافة معاوية، وهموا بإعادة الحرب جذعة فكفر كفرة صلعاء.
هنالك رضي زياد وطلب إلى الناس أن يمضوا هذه الشهادة، فأمضاها خلق كثير، حتى بلغ الشهود سبعين رجلا - فيما قال المؤرخون - وكان منهم جماعة من أبناء المهاجرين، بينهم ثلاثة من بني طلحة، وعمر بن سعد بن أبي وقاص والمنذر بن الزبير، ولم يتحرج من أن يكتب أسماء نفر لم يشهدوا ولم يحضروا هذه الشهادة، فمن هؤلاء من برأ نفسه أمام الناس، ومنهم من كتب إلى معاوية يبرئ نفسه من هذه الشهادة، وهو شريح القاضي الذين شهد أن حجرا رجل صالح من المسلمين، يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم ويحج ويعتمر، وأن دمه حرام، فلما قرأ معاوية كتاب شريح لم يزد على أن قال: أما هذا فأخرج نفسه من الشهادة.
ناپیژندل شوی مخ