وعونا للغاصب عليهم. ولقد خالطت في العاجلة كل جالة من الجالات
113
في مصر على تنوعهم وتعددهم فوجدتهم جميعا، حتى المسلمين منهم، حتى أحط الطوائف - إلا من طاب غرسه، وكرمت نفسه - يحملون الحقد والاحتقار معا للمصريين، برغم أنهم يتقلبون في نعمائهم، وهذا من غريب طبائع البشر؛ إذ لست أدري لذلك سببا سوى كرم المصريين، وأن الكرام مشاغل السفهاء:
وأني شقي باللئام ولا ترى
شقيا بهم إلا كريم الشمائل
حفني ناصف: نعم، ومساكين هم الأخيار، وويل لهم من الأشرار، فالأشرار لا يعجبون إلا بالأشرار ولا يحفلون بالأخيار، بلى! وتراهم مع ذلك مولعين بهم وبإيذائهم، والأصل في هذا أن حال الأخيار الكرام أهل الوفاء والمروءة والشهامة ناصعة نيرة واضحة وضوح النهار المستطير في رونق الضحى، أما الأشرار اللئام فشأنهم الغموض واللبسة
114
والإبهام، شأن الليل ذي الظلم والدجى، والمجهول أبدا مخوف مهوب مرهوب، ومن ثم نرى الناس لا يخافون إلا من كان هذا شأنه، فضلا أنهم يكبرونه ويبقون على وده، ولا جرم أن الشر لا يدفعه إلا الشر، والحديد بالحديد يفلح،
115
والشهرة بالملاينة والخير شر من الاشتهار بالغلظة والشر؛ لأن من عرف بأخي الشر اجترأ عليه الناس، ومن عرف بأخي الخير هابه الناس وتجنبوه،
ناپیژندل شوی مخ