ولكن الذي يمحص التاريخ بإنصاف وعلم يرى في إطلاق لفظ الخوارج على الإباضية - وهم من الخوارج براء - مغزى وهو أنهم رأوا أن الإمامة لا تختص بقريش بل هي تصح لكل من اختاره المسلمون لسياسة دولتهم ورياستها وهذا هو الحق الذي دل على كمال البصيرة إذ ليس من الحكمة أن يجعل الله أمر البشر على سائر أجناسه وأممه تابعا لقبيلة واحدة سواء أحسنت أم أساءت والوضع الطبيعي في البشر هو الذي أيد ما ذهب إليه أصحابنا وحملوا عليه حديث "الأئمة من قريش" ومن المكابرة ومجانبة الحق أن يزعم الزاعمون اختصاص سياسة الأمم بقريش ولم يرتضه الأنصار وهم أهل الفهم لما بعث به محمد صلوات الله وسلامه عليه حين قالوا لأبي بكر: منا أمير ومنكم أمير، ولا أبو بكر حين رد على الأنصار بقوله: منا الأمراء ومنكم الوزراء أن العرب تدين لهذا الحي. يعني قريش فعلل الحكم بانقياد العرب لقريش لا لشيء آخر مما يزعم أهل الأهواء السياسية والمذهبية. أترى الأمم على سائر أجناسها تنقاد إلى رجل من قريش لمجرد أنه قرشي؟ كلا والله.
مخ ۱۱