وأما قوله: عاد مخ المقاحيذ، فإن المقاحيذ سمان الإبل فإذا أجدبت عاد مخها ريزا أي مثل الدم، وكذلك يكون المخ إذا هزلت الإبل، قال الشاعر في التودية وهو رجاء بن هارون الربعي:
ومنا الذي جلب اللقاح وأوثقت
بيديه تودية لها وضرار
وقال آخر يصف السنة ويذكر أنها حصا:
ونحن منتجع المعروف إن سنة حصا
لم يبق للمعروف مصطنعا
ومن أصبح وأمسى يقروا غمره علينا لم يشسع عنه حلمنا وإن فوق مشاقص حسايفه على فليق حسه لم يجدني له غرضا فأعضل وأشوا وأحرز الحصل غيره ولن يؤل الرمي إلا إلى النزعة، وإني لنعم الآسي لأنداب المغض ولو كانت بيني وبين المناوي شركة لخلت ألا تنقطع إن جر أرخيت وإن أرخى جررت وما أنصفنا القادح ولا أنصف نفسه إذ خدعها فكان في فعله كمن دفق ماؤه للسراب فمات حائما وأنا أعيذ بالله من آمن به واتقاه من حيرة حنادس الظلم وأبهال الدليل المفهم لترك الواجب وارتكاب المعاطب، ولست أتيب من إجهار مالي وعلي ولو شئت أنطق لنطقت أو أقول لصدقت ولكن أكل الأمور إلى الرحمن لما أؤمل في ذلك من الفضل والإحسان من ذي العزة والسلطان ولعل وعسى أن مع العسر يسرا وللأشياء مناديخ لا تخفى على الناقد [677] من صيارفة العلم وأهل الحجا والمعرفة والحلم.
يقول: يقرو غمره، يقول: يجمع وغر الصدور، والغم فهو وغر الصدور وحقده أيضا، قال عمارة بن عقيل التميمي في قوم كان بينه وبينهم حنات:
ندنيكم لنميت قرح صدوركم
بحلومنا فتثيرها الأغمار
وأما قوله: لم يشسع عنه حلمنا، فإنه يقول لم يبعد عنه حلمنا وكريم صفحنا، قال الشاعر:
لا يبعدن منام قوم ضمنت
قلنا اليمامة عنها البحر قد شسعا
يقول: بعد.
وأما قوله: فوق مشاقص حسايفه على فليق حنته، يقول: ركب سهام عداوته، شبهه بالرجل الذي يرمي، والحسايف فهي الضغائن.
وأما قوله: على فليق حنته، فالفليق فهي القوس، قال الكميت بن زيد يصف قوسا:
مخ ۱۹۸