Fiqh of Worship by al-Uthaymeen
فقه العبادات للعثيمين
ژانرونه
السؤال (٩١): فضيلة الشيخ، نحب أن نسأل إذا لم يعلم الإمام أن وضوءه منتقض إلا بعد انتهاء الصلاة، فهل يلزمه الإعادة هو والمأمومون أم لا؟
الجواب: حكم ذلك أن الإمام يجب عليه إعادة الصلاة، وأما المأمومون فلا تجب عليهم إعادة الصلاة، وهم في الأجر قد نالوا أجر الجماعة، لأنهم صلوا جماعة، فيكبت لهم الأجر، ولا يخفى أيضًا أننا إذا قلنا: إنه إذا صلى بغير وضوء أو بغير غسل من الجنابة، أنه إذا كان معذورًا لا يتمكن من استعمال الماء، فإنه يتيمم بدلًا عنه، فالتيمم عند تعذر استعمال الماء يقوم مقام الماء، فإذا قدر أن هذا الرجل لم يجد الماء، وتيمم وصلى، فصلاته صحيحة، ولو بقي أشهرًا ليس عنده ماء أو لو بقي أشهرًا مريضًا لا يستطيع أن يستعمل الماء، فإن صلاته بالتيمم صحيحة، فالتيمم يقوم مقام الماء عند تعذر استعماله، وإذا قلنا: إنه يقوم مقامه عند تعذر استعماله، فإنه إذا تطهر بالتيمم، بقي على طهارته حتى تنتقض الطهارة، حتى لو خرج الوقت، وهو على تيممه، فإنه لا يلزمه إعادة التيمم للصلاة الثانية، لأن التيمم مطهر، كما قال الله تعالى في آية المائدة لما ذكر التيمم قال: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ) (المائدة: ٦)، وقال النبي ﵊: " جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" (١) .
حكم ائتمام المتوضئ بالمتيمم
(١) أخرجه البخاري، كتاب الصلاة، باب قول النبي ﷺ: " جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" رقم (٤٣٨)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم (٥٢١) .
السؤال (٩٢): فضيلة الشيخ، أيضًا ربما يستفسر: هل يجوز أن يؤم متيمم متوضئًا؟
الجواب: نقول: نعم، يجوز أن يكون المتيمم إمامًا للمتوضئ، لأن كلا منهما قد صلى بطهارة مأذون فيها.
ثانيًا الطهارة من النجاسة:
أما الشق الثاني: الطهارة من النجاسة ومواضعها ثلاثة: البدن، والثوب، والبقعة، فلابد أن يتنزه الإنسان عن النجاسة في بدنه، وثوبه، وبقعته، ودليل ذلك في البدن: أن النبي ﷺ مرّ بقبرين فقال: " إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول" (١) .
وكذلك أمر النبي ﷺ المرأة الحائض إذا أصاب الحيض ثوبها، أن تغسله ثم تصلي فيه" (٢) . ففيه دليل على وجوب تطهير الثوب من النجاسة، وقد ثبت عن النبي ﵊ أنه أتي بصبي لم يأكل الطعام، فوضعه في حجره فبال عليه، فدعا بإناء من ماء فأتبعه إياه (٣) .
وأما البقعة: ففي حديث أنس ﵁ أن رجلًا أعرابيًا جاء فبال في طائفة المسجد أي في جانب منه فأمر النبي ﷺ أن يراق على بوله ذنوب من ماء (٤) .
إذن: فلابد أن يتجنب الإنسان النجاسة، في بدنه وثوبه وبقعته التي يصلي عليها.
فإن صلى وبدنه نجس أي قد أصابته نجاسة لم يغسلها أو ثوبه نجس، أو بقعته نجسة، ولكنه لم يعلم بهذه النجاسة، أو علم بها ثم نسي أن يغسلها، حتى تمت صلاته، فإن صلاته صحيحة، ولا يلزمه أن يعيد ودليل ذلك: أن النبي ﷺ صلى بأصحابه ذات يوم، فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما أنصرف النبي ﷺ سألهم عن سبب خلع نعالهم فقالوا: رأيناك خلعت نعليك فخلعنا نعالنا، فقال: " إن جبريل أتاني، فأخبرني أن فيهما قذرًا" (٥) .
ولو كانت الصلاة تبطل لاستصحاب النجاسة حال الجهل لأستأنف النبي ﷺ الصلاة، فإن الإنسان لو ذكر أنه لم يتوضأ في أثناء صلاته، وجب عليه أن ينصرف ويتوضأ، إذن اجتناب النجاسة في البدن، والثوب، والبقعة شرط لصحة الصلاة، لكن إذا لم يتجنب الإنسان النجاسة جاهلًا أو ناسيًا وصلى، فإن صلاته صحيحة، سواء علم بها قبل الصلاة ثم نسي أن يغسلها، أو لم يعلم بها إلا بعد الصلاة.
فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين ما إذا صلى بغير وضوء ناسيًا أو جاهلًا، حيث أمرنا من صلى بغير وضوء جاهلًا أو ناسيًا بالإعادة، ولم نأمر هذا الذي صلى بالنجاسة ناسيًا أو جاهلًا بالإعادة؟
قلنا: الفرق بينهما أن الوضوء أو الغسل من باب فعل المأمور، وأما اجتناب النجاسة فهو من باب ترك المحظور، وفعل المأمور لا يعذر فيه بالجهل والنسيان، بخلاف ترك المحظور.
ومن شروط الصلاة: استقبال القبلة، لقول الله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) (البقرة: ١٤٤)، فاستقبال القبلة شرط لصحة الصلاة، فمن صلى إلى غير القبلة، فصلاته باطلة غير صحيحة، لا مبرئة لذمته إلا في أحوال أربعة:
الحال الأولى: إذا كان عاجزًا عن استقبال القبلة، مثل أن يكون مريضًا، وجهه إلى غير القبلة، ولا يتمكن من الانصراف إلى القبلة، فإن صلاته تصح على أي جهة كان، لقول الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن: ١٦)، وهذا الرجل لا يستطيع أن يتحول إلي القبلة، لا بنفسه ولا بغيره.
الحال الثانية: - إذا كان خائفًا من عدو أو كان هاربًا واتجاهه إلى غير القبلة، ففي هذه الحال يسقط عنه استقبال القبلة، لقول الله تعالي: (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) (البقرة: ٢٣٩) ومعلوم أن الخائف قد يكون اتجاهه إلى القبلة، وقد يكون اتجاهه إلى غير القبلة، فإذا رخص الله له في الصلاة راجلًا أو راكبًا، فمقتضى ذلك أن يرخص له في الاتجاه إلى غير القبلة، إذا كان يخاف على نفسه إذا اتجه إلى القبلة.
الحال الثالثة: إذا كان في سفر وأراد أن يصلي النافلة، فإنه يصلي حيث كان اتجاه سيره، ثبت ذلك عن النبي ﷺ أنه كان يصلي في السفر حيث كان وجهه، إلا أنه لا يصلي المكتوبة، ففي النافلة يصلي المسافر حيث كان وجهه، بخلاف الفريضة، فإن الفريضة يجب عليه أن يستقبل القبلة فيها في السفر.
الحال الرابعة: إذا كان قد اشتبهت عليه القبلة، فلا يدري أي الجهات تكون القبلة، ففي هذه الحال يتحرى بقدر ما يستطيع ويتجه حيث غلب على ظنه أن تلك الجهة هي القبلة، ولا إعادة عليه لو تبين له فيما بعد أنه صلى إلى غير القبلة.
وقد يقول قائل: إن هذه الحالة لا وجه لاستثنائها، لأننا نلزمه أن يصلي إلى الجهة التي يغلب على ظنه أنها القبلة، ولا يضره إذا لم يوافق القبلة، لأن هذا منتهى قدرته واستطاعته، وقد قال الله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: ٢٨٦)، وقال تعالى (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن: ١٦) .
بقية شروط الصلاة
(١) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب من الكبائر ألا يستتر من بوله، رقم (٢١٦، ٢١٨)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه، رقم (٢٩٢) . (٢) أخرجه أبو داود، كتاب الطهارة، باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها، رقم (٣٦٥) . (٣) أخرجه البخاري، كتاب الوضوء، باب بول الصبيان، رقم (٢٢٢)، ومسلم، كتاب الطهارة، باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله، رقم (٢٨٦، ٢٨٧) . (٤) تقدم تخرجيه ص (١٣٣) . (٥) تقدم تخريجه ص (١١٤) .
1 / 148