136

Fiqh of Worship by al-Uthaymeen

فقه العبادات للعثيمين

ژانرونه

السؤال (٢٣٠) فضيلة الشيخ، عرفنا صفة الحج، وعرفنا التمتع والقران والإفراد، وقلتم في الإفراد: إن المسلم يأتي بالحج وحده ولا يأتي بعمرة معه، لكننا نرى كثيرا من الناس إذا انتهى من الإفراد اعتمر، فما حكم هذا العمل؟
الجواب: هذا العمل لا أصل له في السنة، فلم يكن الصحابة ﵃ مع حرصهم على الخير يأتون بهذه العمرة بعد الحج، وخير الهدي هدي النبي ﷺ وخلفائه الراشدين، وأصحابه الذين هم خير القرون، وإنما جاء ذلك في قضية معينة قصة عائشة أم المؤمنين ﵂، حيث كانت محرمة بعمرة، ثم حاضت قبل الوصول إلى مكة، فأمرها النبي ﷺ أن تحرم بالحج؛ ليكون نسكها قرانا، وقال لها: «طوافك بالبيت وبالصفا والمروة يسعك لحجك وعمرتك» (١)، فلما انتهى الحج، ألحت على رسول الله ﷺ أن تأتي بعمرة، بدلا من عمرتها التي حولتها إلى قران، فأذن لها، وأمر أخاها عبد الرحمن بن عوف أن يخرج بها من الحرم إلى الحل، فخرج بها إلى التنعيم، وأتت بعمرة، فإذا وجدت صورة كالصورة التي حصلت لعائشة، وأرادت المرأة أن تأتى بعمرة، فحينئذ نقول: لا حرج أن تأتي المرأة بعمرة، كما فعلت أم المؤمنين عائشة رضي الله ﷺ عنها بأمر النبي ﷺ.
ويدلك على أن هذا أمر ليس مشروع، أن عبد الرحمن بن أبي بكر ﵁ وهو مع أخته لم يحرم بالعمرة لا تفقها من عنده، ولا بإذن رسول الله ﷺ، ولو كان هذا من الأمور المشروعة، لكان ﵁ يأتي بالعمرة؛ لأن ذلك أمر سهل عليه حيث إنه قد خرج مع أخته.
والمهم: أن ما يفعله بعض الحجاج كما أشرت إليه ليس له أصل من السنة.
نعم: لو فرض أن بعض الحجاج يصعب عليه أن يأتي إلى مكة بعد مجيئه هذا، وهو قد أتى بحج مفرد، فإنه في هذه الحال في ضرورة إلى أن يأتي بعد الحج بالعمرة، ليؤدي واجب العمرة؛ فإن العمرة واجبة على القول الراجح من أقوال أهل العلم؛ وحينئذ يخرج إلى التنعيم، أو إلى غيره من الحل، فيحرم منه، ثم يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر.

(١) أخرجه أبو داود، كتاب المناسك، باب طواف القارن، رقم (١٨٩٧)، وعند مسلم أن النبي ﷺ قال لها: (٠ يسعك طوافك لحجك وعمرتك» فأبت، فبعث بها مع عبد الرحمن إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج، كتاب الحج، باب إحرام النفساء..وكذا الحائض، رقم (١٢١١)

1 / 285