Fiqh of Fasting and Hajj from Dalil al-Talib
فقه الصيام والحج من دليل الطالب
ژانرونه
النية
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [السادس: النية من الليل لكل يوم واجب قال ﵊: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، وفي سنن أبي داود أن النبي ﵊ قال: (من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له) فلا بد من النية؛ فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.
قال رحمه الله تعالى: لكل يوم من الليل، لا بد أن تكون النية من الليل لكل صوم واجب كرمضان، وكالنذر، وككفارة اليمين، أو كفارة القتل، أو كفارة الظهار، أو القضاء، هذا كله من صيام الواجب فلا بد أن ينوي من الليل؛ لأن النبي ﷺ قال: (من لم يبيّت الصيام من الليل فلا صيام له) وهنا المؤلف قال: [لكل يوم] فكل يوم له نيته من الليل، اليوم الأول له نيته، واليوم الثاني له نيته، واليوم الثالث له نيته، وهكذا.
وقال المالكية -وهو رواية عن الإمام أحمد واختيار ابن عقيل من الحنابلة-: بل تكفي نية من أول الشهر، إذا لم يقطع هذه النية بسفر يُفطر به أو مرض، أي: يُفطر به، كرجل سافر فقطع نيته فأفطر، فلا بد أن ينوي إذا أراد أن يصوم، أو مريض أفطر أيامًا ويريد أن يصوم من الغد، فلا بد أن ينوي من الليل وإلا فإن النية من أول الشهر تكفي؛ لأن شهر رمضان عبادة واحدة، وهذا هو الراجح، وهو -أيضًا- الأيسر، وبه -أيضًا- يزول ما يُخشى من وقوع كثير من الناس في الوسوسة: أنا نويت أم لم أنو.
فالراجح ما ذهب إليه المالكية وهو رواية عن أحمد واختيار ابن عقيل، أن نية من أول الشهر تكفي إن لم يقطع ذلك بسفر يُفطر به.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [لكل يوم واجب]، وأما النفل فإن النية تصح فيه من النهار، سواء كان هذا النفل نفلًا مطلقًا أو نفلًا مقيدًا كعرفة، أو عاشوراء، أو أيام الست، أو أيام البيض، فالنية من النهار تكفي ما دام أنه لم يطعم، فتكفي النية من النهار قبل الزوال أو بعده على الصحيح، حتى لو نوى بعد الزوال، فلو أن رجلًا نام فاستيقظ بعد أذان الظهر وقال: ما بقي من النهار إلا ساعات يسيرة فلو أني نويت وأتممت هذا اليوم صائمًا؟ فلا حرج عليه في ذلك، لكنه يؤجر بقدر ما نوى، ولا فرق في هذه المسألة كما تقدم بين الأيام التي يُستحب صيامها على التقييد كعرفة، والتطوع المطلق، وقد جاء في صحيح مسلم ما يدل على ذلك، فعن عائشة ﵂ أن النبي ﵊ قال لها: (هل عندكم شيء؟ قالت: لا قال: إني إذًا صائم) ثم أتاها في يوم آخر فقالت له: (يا رسول الله! أُهدي لنا حيس.
فقال: أرنيه فلقد أصبحت صائمًا) هذا يدل على أن التطوع تُجزئ النية فيه من النهار، وهذا هو قول الجمهور، لكن أهل العلم القائلين بذلك اختلفوا: فمنهم من يرى أن النية إنما تُجزئ إذا كانت قبل الزوال، ومنهم من يرى أنها تجزئ ولو بعد الزوال، وهذا هو الراجح، وعلى ذلك فالصوم الواجب يجب أن ينوي فيه من الليل، والصوم المستحب مطلقًا -حتى لو كان صوم عرفة، أو عاشوراء، أو أيام الست أو غير ذلك- تجزئ النية فيه من النهار ما دام أنه لم يطعم، ويكون أجره بقدر نيته.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فمن خطر بقلبه ليلًا أنه صائم فقد نوى] في الليل خطر في قلبه أنه صائم، فهذه هي النية؛ لأن النية محلها القلب، فهذا قد نوى.
قال رحمه الله تعالى: [وكذا الأكل والشرب بنية الصوم] دعا بالسحور ليتسحر فتسحّر، فهذه نية صوم، أو قام من الليل قبل الفجر وقال: أحضروا لي تمرًا ولبنًا فشرب بنية الصوم، فهذا يكفي.
قال رحمه الله تعالى: [ولا يضر إن أتى بعد النية بمناف للصوم].
بعض الناس يقول: أنا نويت الساعة الثانية وقلت: أنام قليلًا قبل الفجر فاستيقظت وقد بقي لطلوع الفجر نصف ساعة، فهل لي أن آكل أو أشرب أو أن أجامع؟ له ذلك، ولا يُنافي هذا النية المتقدمة، تبقى نيته ثابتة، ما دام أنه لم ينو الفطر من الغد.
قال رحمه الله تعالى: [ولا يضر إن أتى بعد النية بمناف للصوم أو قال: إن شاء الله غير متردد].
قالوا له: تصوم غدًا؟ فقال: إن شاء الله، أراد بذلك تعليق الأمر بمشيئة الله والتبرك بذكره، فهذا ليس بتردد، لكن لو قيل له: أتصوم غدًا وهو مسافر فقال: إن شاء الله فهو متردد، فإن نام على هذا التردد، فهل تكفي هذه النية أو لا بد من جزم بالنية؟ لا تكفي هذه النية؛ لأنها فيها تردد، فلا بد أن يجزم لأن النية يُشترط فيها الجزم.
والتردد ينافي الجزم.
إذًا: إذا قال إن شاء الله مترددًا لم تُجزئ نيته، وإن قال إن شاء الله متبركًا غير متردد فإنها تجزئ.
قال رحمه الله تعالى: [وكذا لو قال ليلة الثلاثين من رمضان: إن كان غدًا من رمضان ففرض وإلا فمفطر].
هذا رجل في ليلة الثلاثين من رمضان أراد أن ينام مبكرًا ولم يثبت بعد هل الشهر كامل أم لا، فما أُعلم بعد، فقال: سأنام، فإن كان غدًا من رمضان فهذا فرض ل
1 / 14