Fiqh al-Seerah by Al-Ghazali
فقه السيرة للغزالي
خپرندوی
دار القلم
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢٧ هـ
د خپرونکي ځای
دمشق
ژانرونه
فما راع عمر إلا بلال يؤذّن، فقال رسول الله ﷺ حين أخبره بذلك: «قد سبقك بذلك الوحي» «١» .
وهذا يدلّ على أنّ الوحي قد جاء بتقرير ما راه عبد الله بن زيد.
هذه الكلمات الطيبة التي ترتفع بين الحين والحين تقرع الاذان، وتوقظ القلوب، وتصيح بالناس: هلمّوا إلى الله.. وعاها في رؤيا صالحة ذهن نيّر، فأسرع بها إلى رسول الله ﷺ يرويها كما ألقيت في روعه؛ لتكون نداء المسلمين إلى الصلاة ما أقيمت على ظهر الأرض صلاة.
وتجاوب النفوس مع الوحي هو غاية التألّق وقمة الحق، وهو أمارة على أنّ الهدى أصبح غريزة فيها، فهي تستقيم عليه في اليقظة والنوم، وتتّجه إليه على البديهة وبعد التروي، وكان رسول الله ﷺ يربط أصحابه بالوحي النازل عليه من السماء ربطا موثقا، يقرؤه عليهم ويقرؤونه عليه؛ لتكون هذه المدارسة إشعارا بما على الصحاب من حقوق الدعوة وتبعات الرسالة فضلا عن ضرورة الفهم والتدبر!!.
عن عبد الله بن مسعود، قال رسول الله ﷺ: «اقرأ عليّ القران» !! فقلت:
يا رسول الله! أقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: «إنّي أحبّ أن أسمعه من غيري» ! قال: فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الاية: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيدًا (٤١) [النساء]، قال: «حسبك الان» فالتفتّ إليه، فإذا عيناه تذرفان «٢» ..
زاد في رواية: شَهِيدًا ما دُمْتُ فِيهِمْ ... [المائدة: ١١٧] .
وإذا كان الاهتداء إلى ألفاظ الأذان قد ترشّحت له سريرة مصفّاة، مشغوفة بالعبادة، مشغولة بالحق، فإنّ من أصحاب محمد ﷺ كذلك من اندمجوا في معاني الإيمان، وخلصوا لمعين الرسالة؛ حتى إنّ الله أمر رسوله أن يقرأ عليهم بعض سور القران، تنويها بمكانهم عند الله، ورسوخهم في آياته.
(١) ذكر ابن هشام: ٢/ ٢٠، فقال: وذكر ابن جريج: قال لي عطاء: سمعت عبيد بن عمير الليثي ... فذكره. وهذا- مع انقطاعه- مرسل.
(٢) أخرجه البخاري: ٨/ ٢٠٢، ٩/ ٧٧- ٨٠؛ ومسلم: ٢/ ١٩٦، والزيادة له، ونصّها: عن ابن مسعود، قال: قال النبي ﷺ: «شهيدا عليهم ما دمت فيهم- أو ما كنت فيهم-» . (شك من الراوي) .
1 / 201