Fiqh al-Da'wah in Sahih al-Bukhari
فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري
خپرندوی
الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
د ایډیشن شمېره
الأولى
د چاپ کال
١٤٢١ هـ
ژانرونه
وسرَّ بما هو فيه من الخير؛ قال الإمام ابن القيم ﵀: " فيه دليل على استحباب تهنئة من تجدد له نعمة دينية، والقيام إليه، ومصافحته، فهذه سنة مستحبة، وهو جائز لمن تجدد له نعمة دنيوية، وأن الأولى أن يقال له: ليهنك ما أعطاك الله، وما منَّ الله به عليك، ونحو هذا الكلام؛ فإن فيه تولية النعمة ربَّها والدعاء لمن نالها بالتهنِّي بها " (١).
لهذا قال النبي ﷺ لأبي بن كعب: " ليهنك العلم أبا المنذر " (٢) وذلك عندما سأله عن أعظم آية في القرآن فقال ﵁: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥] (٣) فينبغي للداعية أن يهنِّي إخوانه الدعاة والمدعوين ويسر بما يتجدد لهم من النعم ويندفع عنهم من النقم؛ فإن ذلك يجذب قلوبهم لمحبته، ومن ثم قبول دعوته.
عاشرا: إيثار طاعة الرسول ﷺ على مودة القريب: من صفات الداعية الناجح: إيثار طاعة الله ورسوله على مودة القريب؛ ولهذه الصفة الحميدة لم يرد أبو قتادة السلام على كعب؛ لنهي الرسول ﷺ عن كلامه، قال كعب ﵁: " تسورت جدار أبي قتادة وهو ابن عمي وأحبّ الناس إليَّ فسلمت عليه فوالله ما رد عليَّ السلام، فقلت: يا أبا قتادة أنشدك بالله، هل تعلمني أحبّ الله ورسوله؛ فسكتَ، فعدت له فنشدته فسكتَ، فعدت له فنشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار ". وهذا يبين مدى طاعة الصحابة ﵃ لرسول الله ﷺ.
فعلى الداعية أن يحرص على طاعة الرسول ﷺ؛ لقوله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٣] (٤) وقوله ﷺ: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» (٥)
(١) زاد المعاد ٣/ ٥٨٥، وانظر: فتح الباري لابن حجر، ٨/ ١٢٤. (٢) أخرجه مسلم، في كتاب صلاة المسافرين، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، ١/ ٥٥٥ برقم ٨١٠. (٣) سورة البقرة، الآية: ٢٥٥. (٤) سورة النور، الآية: ٦٣. (٥) متفق عليه من حديث أنس ﵁: البخاري، في كتاب الإيمان، باب حب الرسول ﷺ من الإيمان ١/ ١١ برقم ١٥، ومسلم، في كتاب الإيمان، باب وجوب محبة الرسول ﷺ أكثر من الأهل والولد والناس أجمعين ١/ ٦٧ برقم ٤٤.
1 / 114