فلم وثائقي مقدمه قصیره
الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
تتوافر للمخرجين العديد من الخيارات لاتخاذها بشأن كل عنصر من العناصر؛ على سبيل المثال، قد يجري تأطير اللقطة على نحو مختلف بحيث تحمل معنى مختلفا وفقا للإطار: فلقطة قريبة لأب في حالة من الحزن قد تقول شيئا مختلفا تماما عن لقطة من زاوية واسعة لنفس المشهد يظهر الغرفة بأكملها، واتخاذ قرار بترك الصوت المحيطي للجنازة ليطغى على الموسيقى التصويرية للفيلم سوف يعني شيئا مختلفا عما لو استخدمت موسيقى تصويرية رنانة.
وفي ظل عدم وجود شيء طبيعي فيما يتعلق بتجسيد الواقع في الأفلام الوثائقية، يعي صناع الأفلام الوثائقية تماما أن كل اختياراتهم تشكل المعنى الذي يختارونه؛ فجميع تقاليد الأفلام الوثائقية - أي العادات أو القوالب الشائعة في الخيارات الشكلية للتعبير - تنبثق من الحاجة إلى إقناع المشاهدين بصحة ومصداقية ما يروى لهم، فالخبراء، على سبيل المثال، يثبتون مصداقية التحليل، والرواة من الرجال ذوي الهيبة يعبرون عن الثقل والسلطة من وجهة نظر العديد من المشاهدين، والموسيقى الكلاسيكية تشير إلى الجدية.
تسعى محاولات تحدي التقاليد المتعارف عليها إلى إرساء صورة بديلة من المصداقية، فوقت أن كان الصوت المحيطي لا يتسنى تجميعه إلا بشق الأنفس، كان السرد في الأفلام التقليدية، 35 ملليمترا، يعتمد على صوت ذي عمق وقوة، كذلك كانت تشمل ملاءمة الإضاءة، وحتى التجهيزات، للمعدات الثقيلة التي يصعب تحريكها. وقد استخدمت بعض الأفلام الوثائقية المونتاج الدقيق للتركيبات المتقنة لكل مشهد من أجل خلق وهم الحقيقة أمام أعين المشاهدين، وعندما بدأ المخرجون تجربة كاميرات 16 ملليمترا الأخف وزنا بعد الحرب العالمية الثانية، نجحت التقاليد المختلفة التي ظهرت في إقناع المشاهدين بمصداقية الفيلم الوثائقي؛ فقد كان استخدام «لقطات» أو مشاهد طويلة للغاية يجعل المشاهدين يشعرون بأنهم يشاهدون حقيقة صريحة بلا تنميق؛ إذ كان اهتزاز الكاميرات المحمولة دليلا على المباغتة، ويشير ضمنا إلى العجلة، وكانت الحوارات الهجومية؛ أي ملاحقة الأشخاص الذين يدور الفيلم عنهم أثناء تنقلهم أو على نحو مفاجئ، تؤدي بالمشاهدين إلى الاعتقاد أن هذا الشخص يخفي شيئا حتما، وقد أتاح العزوف عن السرد، الذي أصبح منتشرا في أواخر الستينيات، للمشاهدين الاعتقاد أنه يجوز لهم أن يحددوا بأنفسهم معنى ما كانوا يشاهدونه (على الرغم من أن خيارات المونتاج في الواقع هي التي كانت تتحكم فيما كانوا يرونه).
يوظف مخرجو الأفلام الوثائقية نفس التقنيات التي يوظفها مخرجو الأفلام الروائية؛ إذ قد يعمل المصورون السينمائيون، وفنيو الصوت، والمصممون الرقميون، والموسيقيون، وأخصائيو المونتاج في كلا النوعين. قد يتطلب العمل الوثائقي أضواء أيضا، وقد يطلب المخرجون من أبطالهم إعادة تصوير المشاهد، وعادة ما تتطلب الأفلام الوثائقية مونتاجا متطورا، إلى جانب إضافة صناع الأفلام الوثائقية المؤثرات الصوتية والموسيقى التصويرية.
من التقاليد المشتركة بين معظم الأفلام الوثائقية البنية السردية؛ فهي قصص، ولها بداية ووسط ونهاية، وتجعل المشاهدين يستغرقون في شخصياتها، وتأخذ المشاهدين عبر رحلات عاطفية، وغالبا ما تلجأ إلى بنية قصة كلاسيكية؛ فحين أخرج جون إلس فيلما وثائقيا عن جيه روبرت أوبنهايمر، مخترع أول قنبلة ذرية - ذلك العالم الذي عانى أشد المعاناة تبعات اختراعه - جعل إلس فريق عمله يقرأ «هاملت».
تعمل التقاليد بنجاح على جذب الانتباه، وتيسير الحكي، وعرض وجهة نظر المخرج على الجماهير، فهي تصبح المعيار الجمالي؛ خيارات جاهزة لصناع الأفلام الوثائقية، وطرقا مختصرة للتعبير عن المصداقية، غير أن التقاليد أيضا تخفي الافتراضات التي يضفيها المخرجون على العمل، وتجعل عرض الحقائق والمشاهد الخاصة يبدو حتميا وكاملا.
تقليد العرض
كيف إذن ننظر لخيارات الشكل كخيارات، وننظر إلى التقاليد كتقاليد؟ ربما تتجه للأفلام التي يضع صناعها خيار الشكل في المقدمة باعتباره موضوع الفيلم، وتقارن خياراتهم بعمل آخر أكثر روتينية.
من أسهل الطرق لرؤية التقاليد الهجاء والمحاكاة الساخرة؛ على سبيل المثال، يبدأ فيلم «أرض بلا خبز» (1932)، للفنان السريالي الإسباني العظيم لويس بونويل، كرحلة تبدو مملة وكئيبة داخل إحدى المناطق الفقيرة بإسبانيا، ولكن سرعان ما يتضح أن بونويل، بمساعدة التعليق الذي كتبه الفنان السريالي بيير يونيك، يستخدم التقاليد العلمية الزائفة الجافة لإثارة الحيرة والغضب تجاه كل من الراوي ثم الظروف الاجتماعية الرهيبة للريف . أما فيلم «قصة الاسباجيتي» الذي عرض على شبكة هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في عام 1957، ضمن البرنامج الوثائقي «بانوراما»، فيصحب المشاهدين إلى سويسرا لمناقشة آخر محصول للاسباجيتي (الذي ينمو على الأشجار) كدعابة تمثل في نفس الوقت درسا تعليميا إعلاميا. وفي فيلم «بحثا عن الحافة» (1990)، الذي يدور في مضمونه حول أسباب كون الأرض مسطحة، توظف مجموعة كبيرة من أدوات الفيلم الوثائقي التعليمي التي يربطها الناس ب «الفيلم الوثائقي التقليدي» - كل بأسلوب أخرق متعمد - لإظهار المنطق الخاطئ في الحجج العلمية والمعالجة في صناعة الأفلام. في هذا الفيلم، يمنح الخبراء ألقابا مثل «أستاذ جامعي»، ويظهرون وأمامهم حقائب كتب كدلالة على المعرفة العلمية، على الرغم من أنهم يتحدثون بكلام فارغ، فيما توضح رسوم الجرافيك المبهرة استحالات فيزيائية، وتمتزج نبرة صوت الراوي بالسخرية من فكرة أن الأرض مستديرة، وتظهر صورة عائلية في لقطة قريبة متدرجة، على طريقة كين بينز، لنجد أن الشخصية المشار إليها تدير رأسها بعيدا عن الكاميرا. أما الفيلم الأسترالي «باباكيوريا» (1988)، الذي قام به مجموعة من السكان الأصليين، فيسخر من تقاليد الأفلام الإثنوجرافية، منها نسب سمات غامضة أو سحرية للآخرين الدخلاء خلال السرد، والاستشهاد بالخبراء، ونبرة الغرور لدى الراوي، وتصوير البحث العلمي كرحلة استكشاف بطولية. في الفيلم، يفحص مجموعة من العلماء من السكان الأصليين ما يعتقدون أنه مركز لممارسة طقوس ثقافية للأستراليين البيض، الذي هو في الواقع منطقة شواء.
تقدم الأفلام الوثائقية الساخرة، أو الوثائقيات الكاذبة، أيضا الفرصة لرؤية التقاليد من زاوية معينة؛ فقد كان فيلم «هذه هي سبينال تاب!» (1984) لروب راينر، الذي يدور عن إحدى فرق الهيفي ميتال الأسطورية، محاكاة ساخرة شهيرة لوثائقيات الروك - الأفلام التي تجسد عروض فرق الروك - بما تحويه من مقارنة بين الأداء الحماسي على المسرح وما يصاحبها من تصرفات وحركات بلهاء وراء الكواليس، وبين قصص نجاحها واسعة الانتشار. وكما هو الحال في الأفلام الوثائقية الساخرة اللاحقة، مثل «الأفضل في العرض» (2000)، و«رياح قوية» (2003)، اعتمدت الفكاهة على قدرة الجمهور على تحديد التقاليد.
ناپیژندل شوی مخ