فلم وثائقي مقدمه قصیره
الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
التسمية
بدأت الأفلام الوثائقية في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر بعرض باكورة الأفلام من هذا النوع. والفيلم الوثائقي له أشكال عدة؛ فمن الممكن أن تكون رحلة عبر بلدان وأساليب معيشية غريبة، كما في فيلم «نانوك ابن الشمال» (1922)، ويمكن أن تكون قصيدة مرئية كقصيدة جوريس إيفينز «المطر» (1929)، وهي قصة تدور حول يوم ممطر، يصاحبها موسيقى كلاسيكية كخلفية، تعكس فيها العاصفة أصداء البنية الموسيقية. ويمكن أن تكون عملا فنيا للدعاية، فقد أخرج المخرج الروسي دزيجا فيرتوف - الذي صرح بأسلوب حماسي بأن السينما الروائية مسممة وهالكة، وأن المستقبل للأفلام الوثائقية - فيلم «الرجل ذو الكاميرا السينمائية» (1929) كدعاية لنظام سياسي ونوع من الأفلام.
فما الفيلم الوثائقي؟ إحدى الإجابات السهلة والتقليدية لهذا السؤال هي: ليس فيلما سينمائيا، أو على الأقل ليس فيلما سينمائيا بالمعنى الذي ينطبق على فيلم «حرب النجوم»، إلا عندما يكون فيلما ذا صبغة درامية، مثل فيلم «فهرنهايت 9 / 11» (2004)، الذي حطم جميع الأرقام القياسية للأفلام الوثائقية. وإحدى الإجابات الأخرى السهلة والشائعة هي: فيلم يخلو من الهزل، فيلم جاد، يحاول أن يعلمك شيئا ما، ما لم يكن من نوعية الأفلام التي على شاكلة فيلم ستاسي بيرالتا «العمالقة الراكبون» (2004)، الذي يأخذك في رحلة مثيرة عبر تاريخ التزلج على الماء. فالعديد من الأفلام الوثائقية أعدت بدهاء بهدف واضح هو الإمتاع. والحق أن معظم صناع الأفلام الوثائقية يعتبرون أنفسهم قاصين، لا صحفيين.
وربما تكون إحدى الإجابات البسيطة: فيلم عن الحياة الواقعية. وتلك هي المشكلة تحديدا: فالأفلام الوثائقية تدور «حول» الحياة الواقعية، لكنها ليست حياة واقعية، بل إنها ليست حتى نوافذ على الحياة الواقعية، إنها لوحات للحياة الواقعية تستخدم الواقع كمادة خام لها، ويعدها فنانون وتقنيون يتخذون قرارات لا حصر لها بشأن اختيار القصة، ولمن ستروى، والهدف منها.
لعلك تقول إذن: هو فيلم يسعى حثيثا لعرض الحياة الواقعية ولا يعالجها. ولكن على الرغم من ذلك، لا توجد طريقة لصناعة فيلم دون معالجة المعلومات؛ فاختيار الموضوع، والمونتاج، ومزج الصوت كلها نوع من المعالجات. قال الصحفي الإذاعي إدوارد آر مورو ذات مرة: «أي شخص يعتقد أن كل فيلم يجب أن يقدم صورة «متوازنة» لا يعرف شيئا عن التوازن ولا الصور.»
إن مشكلة تحديد قدر المعالجة قديمة قدم هذا الشكل الفني، ففيلم «نانوك ابن الشمال» يعتبر واحدا من أوائل الأفلام الوثائقية العظيمة، لكن أبطاله - وهم سكان الإسكيمو - يقدمون الأدوار بتوجيه من مخرج الفيلم روبرت فلاهرتي، مثلما يفعل الممثلون في أي فيلم روائي؛ فقد طلب منهم فلاهرتي أن يقوموا بأشياء ما عادوا يفعلونها، مثل صيد الفظ بالرمح، وصورهم جهلاء بأشياء كانوا يفهمونها، إذ يقضم «نانوك» - وهذا ليس اسمه الحقيقي - في الفيلم أسطوانة جراموفون في حيرة ممزوجة بالسعادة، ولكن الرجل كان في الواقع على دراية واسعة بالأجهزة الحديثة، بل كان يساعد فلاهرتي في فك وتجميع كاميرته بانتظام. بالإضافة إلى ذلك، بنى فلاهرتي قصته من واقع تجربة الإقامة سنوات مع سكان الإسكيمو، الذين سعدوا بالمشاركة في مشروعه وقدموا له الكثير من الأفكار للحبكة.
إن الفيلم الوثائقي يروي قصة عن الحياة الواقعية، قصة تدعي المصداقية. والنقاش بشأن كيفية تحقيق ذلك بصدق ونزاهة لا ينتهي أبدا في ظل وجود إجابات متعددة. لقد عرف الفيلم الوثائقي أكثر من مرة على مدار الزمن، من صناعه ومشاهديه، ولا شك أن المشاهدين يصوغون معنى أي فيلم من خلال الجمع بين المعرفة والاهتمام بالعالم وبين الشكل الذي يصور به المخرج هذا العالم. تقوم كذلك توقعات الجمهور على التجارب السابقة؛ فلا يتوقع المشاهدون التعرض للخداع والكذب، فنحن نتوقع أن تنقل إلينا أشياء صادقة عن العالم الواقعي.
نحن لا نطالب بأن تصور هذه الأشياء تصويرا موضوعيا، وليس بالضرورة أن تكون الحقيقة الكاملة، فقد يوظف مخرج الفيلم الجواز الشعري من آن لآخر، ويشير إلى الواقع إشارة رمزية (كأن ترمز صورة للمدرج الروماني لإجازة بأوروبا على سبيل المثال)، ولكننا نتوقع أن يكون الفيلم الوثائقي تجسيدا منصفا وصادقا لتجربة شخص ما مع الواقع. وذاك هو العقد المبرم مع المشاهد الذي كان يقصده المعلم مايكل رابيجر في نصه الكلاسيكي: «لا توجد قواعد في هذا الشكل الفني الناشئ، هناك فقط قرارات بشأن موضع ترسيم الحدود لما هو مقبول وكيفية الالتزام بالعقد الذي ستبرمه مع جمهورك.»
المصطلحات
ولد مصطلح «الفيلم الوثائقي» من رحم الممارسة المبكرة ولادة صاحبها الارتباك، فحين بدأ رواد الأعمال في أواخر القرن التاسع عشر لأول مرة في تسجيل أفلام لأحداث من واقع الحياة، أطلق البعض على ما كانوا يصنعونه اسم «أفلام وثائقية»، بيد أن المصطلح ظل غير ثابت لعقود. وأطلق آخرون على أفلامهم «تعليمية»، و«واقعية»، و«تشويقية»، وربما أشاروا لموضوع الفيلم، مثل «أفلام الرحلات». وقرر الاسكتلندي جون جريرسون أن يستخدم هذا الشكل الفني الجديد في خدمة الحكومة البريطانية، وصاغ مصطلح «وثائقي» بإطلاقه على عمل المخرج الأمريكي العظيم روبرت فلاهرتي «موانا» (1926)، الذي يؤرخ للحياة اليومية على إحدى جزر «ساوث سيز»، وقد عرف الفيلم الوثائقي بأنه «التجسيد الفني للواقع»، وهو التعريف الذي أثبت صموده؛ ربما لمرونته الشديدة.
ناپیژندل شوی مخ