فلم وثائقي مقدمه قصیره
الفيلم الوثائقي: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
كان دور الرعاة من القطاع الخاص في تاريخ الفيلم الوثائقي كبيرا أيضا، وسوف يظل هكذا بالتأكيد؛ فقد كانت الأعمال المهمة لرائد الأفلام الوثائقية، روبرت فلاهرتي، مدعومة من جانب مؤسسات راعية كانت تأمل في ربط صورتها برؤيته الرومانسية، وكان للرعاة والمكتتبين المؤسسيين أهمية أيضا لباكورة الأفلام الوثائقية في التليفزيون؛ على سبيل المثال، كان برنامج الصحفي العظيم إدوارد آر مورو «شاهده الآن» (1951) الذي يتناول القضايا والشئون العامة، ممولا من شركة ألكوا، التي كانت آنذاك تتطلع إلى تلميع سمعتها بعد قضية احتكار، وكان للمكتتبين المؤسسيين أهمية بالغة لتليفزيون الخدمة العامة أيضا. أصبحت المؤسسات غير الربحية أيضا عملاء مهمين للأفلام الوثائقية التي تتعامل مع قضايا تعتبرها ذات أهمية. إن الرعاة يدفعون للحصول على فيلم صنع لأنهم يرغبون في سرد قصة معينة، أو يرغبون في تحسين صورتهم، وفي كلتا الحالتين، لا يكون لمخرج الفيلم سوى قدر محدود من الاستقلالية، ولكنه يكون غالبا كافيا لكي يستطيع تنفيذ عمل ذي أهمية، وفي بعض الأحيان تتفق أولويات مخرج الفيلم مع أولويات المؤسسة. ويعتبر المعلنون رعاة أيضا؛ إذ يدفع كل منهم مقابل الحصول على وقت أو مساحة محدودة في برنامج يمكنه جذب المشاهدين لرسائلهم، ويفضل الإعلان الأفلام الوثائقية الخفيفة ذات الميزانية المحدودة التي لا تتحدى الأوضاع الراهنة، والأفلام الوثائقية المثيرة التي يمكن أن ترفع نسب المشاهدة.
ويمثل البيع المباشر النموذج الأسرع نموا لدعم الأفلام الوثائقية؛ فجماهير السينما الباحثة عن التجديد والروعة يجدونها في الأفلام الوثائقية لشركة إيماكس، سواء التي تدور حول معجزة الطيران أو عالم الحشرات الاستوائية المدهش، ويستقبل مشتركو القنوات المشفرة، مثل «إتش بي أو» أو قناة كندا الوثائقية، سيلا من البرامج الوثائقية مثلما يحدث عند الاشتراك في المجلات. تقدم أنظمة الفيديو حسب الطلب أيضا أفلاما وثائقية مباشرة للمشاهدين، مثلما تفعل خدمات التأجير مثل نتفليكس وبلوكباستر. يشتري المستخدمون المنزليون أيضا - غالبا عن طريق الإنترنت - أسطوانات (دي في دي) للأفلام الوثائقية التي ربما لم تعرض في أي دار عرض، ويحملون أيضا أفلاما على أجهزة الآي بود والهواتف الخلوية، وهذا يدفع صناع الأفلام الوثائقية لتحديد «جمهور شخصي» كما يطلق عليه المنتج بيتر برودريك، وصياغة أعمال تدور حول اهتمامات هذا القطاع أو تحديد مجموعة متحمسة لقضية أو مشكلة معينة.
كان من الأمثلة الخارقة للتوزيع المباشر فيلم «الخداع» (2004) من إنتاج روبرت جرينوالد، الذي يشن هجوما ضاريا على قناة فوكس نيوز لتحيزها للجناح اليميني. أطلق هذا الفيلم خلال موسم الانتخابات لعام 2004 في الولايات المتحدة، وقدم للمشاهدين عن طريق رسائل البريد الإلكتروني من الموقع الليبرالي موف أون دوت أورج
MoveOn.org . ووفقا للمنظمين، اشترى أكثر من 100 ألف مشاهد أسطوانات (الدي في دي) خلال الشهر، أغلبها للاستخدام في الحفلات المنزلية حيث يشاهدها العديد من المشاهدين دفعة واحدة. وحظي الفيلم أيضا بفترة عرض محدودة ومتزامنة في دور العرض، وسرعان ما تمت محاكاة هذا النموذج وتعديله؛ إذ سريعا ما أعد المحافظون أفلامهم المحرضة ونشروها في دوائرهم الانتخابية.
يطور الإنتاج الرقمي في عصر التحميل عبر الإنترنت نماذج جديدة للسوق؛ فبحلول عام 2006 كان تحميل الفيديوهات قد احتل حوالي نصف المساحة الإجمالية على الإنترنت، وفي غضون أيام، جذبت المحاكاة الساخرة المنزلية المتواضعة جماهير عالمية أكبر مما حظي بها العديد من الأفلام الوثائقية في أي مهرجان أو عرض سينمائي. في الوقت نفسه، ظل النموذج التجاري الذي يمكنه دعم مثل هذه الأعمال ملحوظا.
الأخلاقيات والشكل
كان للمسائل الأخلاقية أهمية بالغة شأنها شأن المسائل الجمالية في اختيارات الشكل لصناع الأفلام الوثائقية، وقد طالب مخرج الأفلام التاريخية جون إلس والمنظر بيل نيكولز، من بين آخرين، صناع الأفلام المحترفين أنفسهم بصياغة معايير أخلاقية.
والسؤال عن القدر المقبول من تزييف ومحاكاة الواقع، من الأسئلة التي تطرح على نحو مستمر. إن التزييف الصريح يسهل الحكم عليه وشجبه، مع أنه أمر شائع منذ بداية نشأة الأفلام؛ فقد أنتج استوديو توماس إديسون مشاهد حرب من الفلبين في نيوجيرسي، وصور التوثيق المفترض لغرق السفينة «ماين» في ميناء هافانا - في الحقيقة - في حوض استحمام نيويوركي.
ثمة ممارسات أخرى أقل وضوحا من الناحية الأخلاقية؛ فهناك تقنية إعادة التجسيد، وهي جزء أساسي من إنتاج الأفلام الوثائقية 35 ملليمترا، وفي ظل المعدات الثقيلة المرهقة، بدون إضاءة أو عناصر تمثيل، كانت معظم الأفلام من هذا النوع ستصبح مستحيلة على التنفيذ. وقد استهجن أنصار سينما الواقع المحافظون في الستينيات، الذين كانوا يستخدمون معدات جديدة أخف وزنا وأكثر مرونة، مثل هذه التقنيات باعتبارها مصطنعة.
على الرغم من ذلك، عادت تقنية إعادة التجسيد للازدهار مرة أخرى في التسعينيات، وكان ذلك في بعض الأحيان يعزى إلى الميزانيات المحدودة التي يخصصها صناع البرامج في القنوات المشفرة، حتى إن المخرجين كانوا يجاهدون لإنتاج قصة جذابة لجماهير التليفزيون الذين اعتادوا معايير إنتاجية عالية. وهكذا، أصبح من المألوف في قناة هيستوري، على سبيل المثال، الإتيان ببضع أقدام ترتدي صنادل لتجسيد مسيرة لآلاف المحاربين الرومان، أو بضع عملات معدنية ومزهرية لتجسيد ثراء الملوك في حقبة أخرى، وفي أحيان أخرى كان صناع الأفلام يستخدمون إعادة التجسيد لاستحضار لحظة غير مصورة؛ ففي الفيلم المأخوذ عن مذكرات الهولوكوست «شكرا لكل شيء» (1999)، مثلت مشاهد لأم تصنع الخبز وتضيء الشموع لتجسيد ذكريات الطفولة في هذه الناجية من المحرقة. ولا يحدث مثل هذا الاستخدام أي ارتباك أو حيرة للمشاهدين؛ إذ عادة ما يمكنهم تمييز التجربة الحقيقية عن التجسيد الرمزي لها.
ناپیژندل شوی مخ