أين تولت بأهلها السفن
وقول الشاعر العربي:
فسائل بني جرم إذا ما لقيتهم
وسعدا إذا حجت عليك بنو سعد
فإن يخبروك الحق عني تجدهم
يقولون أبلى صاحب الفرس الورد
وغير هذا من رائع الشعر ما لا يتناوله الحصر.
وبعد، فأي معنى في مثل هذا يرتفع على ما تبتذل به العامة في أحاديثهم وأسمارهم وفنون مناقلاتهم! إنما خطره كله في لطف الصياغة وشدة القول وقوة الأسلوب، ولو قد ذهبت تؤدي بلغة أخرى أفخر ما نظم البحتري وأبو تمام وأضرابهما من أعيان الشعراء ما خرجت من ذاك بجليل، بل لو أنك تعمدت أبلغ ما قالوا فنقضت غزله ونثرت نظمه، ما عدا أن يكون كلاما من أوسط ما اعتاده الناس من الكلام!
هذا رأي حافظ في الشعر، وتلك أيضا صورة من شعره! مشرق الديباجة، جزل اللفظ، صافي القول، محكم النسج، رصين القافية، ترى معناه في ظاهر لفظه، فإذا أقبل عليك ينشدك من شعره، أبصرت البيت يستشرف وحده للقافية استشرافا حتى لتقبض عليها بذهنك قبل أن ينطق بها حافظ إبراهيم.
وحافظ، كما أسلفت عليك، مؤمن كل الإيمان بالصنعة، ولقد يسنح له المعنى الدقيق فيحاول أن يشكه بالقريض، فإن أصابه في غير قلق ولا إعنات للفظ أو إخلال بقوة النظم، وإلا صرف لغيره وجه القريض، ولربما أصاب المعنى الرفيع فيسره للنظم تيسيرا، حتى يخيل لك، إذ تتلوه، أنك في كلام من جنس سائر الكلام!
ناپیژندل شوی مخ