عربي فکر حدیث
الفكر العربي الحديث: أثر الثورة الفرنسية في توجيهه السياسي والاجتماعي
ژانرونه
وأهم ما أنتجه هذا الأستاذ الواسع العميق من أساتذة الفكر: قاموس تاريخي وانتقادي. ويمكن القول إن كل نشاطه الفكري ينتهي إلى تقرير حق العقل وحق الضمير في البحث الحر والرأي المستقل. وقد لخص هذا المبدأ في قوله: «لنا حق لا يهضم ولا يثلم، هو: حق إعلان المذاهب التي نعتقدها موافقة للحقيقة المجردة»، وفي قوله أيضا: «أعظم المحاكم التي هي المرجع الأخير - لا استئناف منها إلى غيرها! - محكمة العقل الذي يقول مهتديا بالبديهيات الصادرة عن نور الطبيعة.»
ويلاحظ القارئ أن بايل بدأ يتحدث عن «حقنا الذي لا يهضم ولا يثلم»
Droit Inaliénable ، وعن «البديهيات الصادرة عن نور الطبيعة»، وهي تعابير وأفكار نلتقيها لدى مفكري الثورة، بل في نصوص الثورة نفسها.
ويكفينا هذا القدر من القرن السابع عشر وأدبائه ومفكريه. فلننتقل إلى القرن الثامن عشر، وهو الموسوم ب «عصر الأنوار» و«الاستنارة»،
9
والعصر الذي وقعت الثورة في أوائل ربعه الأخير، وملأت منه هذا الربع كله تقريبا، وجعلته في نظر الفكر العالمي، وفي تقدير التاريخ، عصرا فرنسيا على الأعم والأغلب.
وتطالعنا في خلال هذا القرن ستة وجوه رئيسة: مونتسكيو، وديدرو، وفولتير، وروس، وهلفثيوس، ودولباخ.
أما مونتسكيو، صاحب «روح القوانين والرسائل الفارسية»، فهو الذي حاول أن يكتشف في التاريخ عوامل أساسية تجعل من حوادثه ظاهرات مفهومة، لا صدفا واتفاقات؛ فهو من هذا القبيل شبيه بابن خلدون في مقدمته. ويتصف مونتسكيو بكثرة الرجوع إلى أثر العامل الجغرافي في التاريخ. على أن توسيع البحث في هذا المضمار يخرج بنا عن القصد، وحسبنا أن هذا المفكر الفرنسي نظر إلى التاريخ نظرة عقلية، ورده إلى عوامل من البشر ومحيطهم، لا إلى أسباب خارجة، وإلى العقل الإنساني رد الشرائع والقوانين باعتبارها مظهرا من مظاهر التاريخ، قال: «القانون، بوجه عام، هو العقل البشري، ما دام العقل هو الذي يحكم شعوب الأرض جميعا. والقوانين السياسية والمدنية - فيما يتعلق بكل أمة - يجب ألا تكون إلا الحالات الخاصة التي يقع فيها تطبيق العقل البشري .»
ثم يقسم مونتسكيو القوانين نوعين: (1)
تلك التي ترتب نظام الدولة، كعلاقة المواطنين بالسلطات، وعلاقة السلطات المختلفة بعضها ببعض (وهو ما نسميه الدستور أو القانون الأساسي). (2)
ناپیژندل شوی مخ