قالت: ولكن لا بد أن يكون ذلك الشاب وغدا ذميما.
أجاب: لا شك! ولكن لذلك الوغد الذميم فضل عليك، وقد كانت الكونتة تتوسل أن يمهلها يومين لتعود حاملة إليه ذلك المال ثم انصرفت، فما رأيك في هذه القصة؟ فارتعدت جرجونة وقالت: إذا صح ما تقوله فإني أستبدل تاج الدوقة بتاج الكونتة قبل انقضاء ثلاثة شهور من تاريخ اليوم، وسوف أدعى الكونتة دي موري.
وقد اختصرنا هذه المحادثة التي دامت هزيعا من الليل، ولما فارق الرجل شقيقته عاهدته على أن تجيبه إلى أول طلب يطلبه منها مكافأة له على هذه اليد التي أسداها إليها، وحاولت أن تفهم غرضه، فقال لها: عندي مشروع لم يتم بعد، وسوف أطلعك عليه فتساعدينني كما أساعدك، وبعد ظهر اليوم التالي بعثت تطلب مقابلة الكونت دي موري، فقالت له: إني دعوتك للنظر في حالة لا تلائم منزلتي، فلا بد من افتراقنا. فلم يتمالك برغم وفائه لزوجته من أن يرتجف هوى وصبابة، وخيل له أنه مصاب بالدوار، ولكنه تجلد وقال لها: إن هذا الفراق الذي تكلمينني عنه يورثني شجنا عظيما، وثقي أن زوجتي الكونتة تشاركني في ذلك الشجن.
ونهض يريد الانصراف، فقالت له: لا تكلمني عن الكونتة دي موري، ولا تدعني أفتكر في هذه المرأة التي تكرهني لأنني أحبك ... والتي أكرهها أنا كذلك، ولا أدري لماذا؟ ولكن يسوءني منك سكوتك عند انكساري وذلي، فلماذا لا تريد أن تقر لي بالهوى؟ أولست حرة الفؤاد؟
أجاب: بلى، ولكنني أنا لست بحر الفؤاد، وإقراري لك بالهوى يجب أن يسوءك، كما يعد خيانة مني للتي لا تريدين أن أكلمك عنها!
قالت: إذن لماذا تنم حركاتك وسكناتك عن ذلك الإقرار؟ إني لأشعر به في عينيك إذ تتقدان، ويديك إذ ترتعدان ونفسك إذ يحترق، ولا شيء فيك صامت إلا فمك، على أن شفتيك تكذبان بصمتهما وهو أفصح من كل كلام.
فأجابها: لئن كذبت شفتاي فإنهما تأتمران بأمر نفس لا تخون زوجة بريئة من كل عيب، وفية كل الوفاء.
قالت: كفى، فلا تكلمني عن وفائها ... فصاح: هل تدرين أن في جملتك هذه التي نطقت بها وشاية كاذبة فظيعة؟
أجابت: ليس ما أقوله بوشاية؛ بل هي تهمة صادقة عرفتها من أخي.
قال: لا بد لك الآن من إيضاح ما تعرفينه أو ما تظنين أنك تعرفينه، وقبض على يد جرجونة بعنف وقال لها: تكلمي.
ناپیژندل شوی مخ