په لاره کې
في الطريق
ژانرونه
وكانت تعلم أنها مفلسة، وأنها لا تستطيع أن تذهب إلى بيتها - حيث ذلك الرجل الخشن الفظيع - وهبه ليس فيه، فما تصنع هناك؟ وإذا لم تذهب إلى البيت فأين يمكن أن تذهب؟ هذا شاب يعرض عليها أن يطعمها وأن يريحها من الأنياب التى تمزق أحشاءها ويعفيها من الشعور الثقيل بالقرص والعض فى جوفها، فلم لا تطيع وتقعد وتأكل؟ وأحست وهى تدبر هذا فى نفسها بالدموع تترقرق فى مآقيها أمامه.. فقرضت أسنانها وشدت أعصابها ونهضت متحاملة على نفسها. فقال: «إلى أين؟.. لا يمكن أن تخرجى.. عيب.. لا يليق».
فقالت بضعف، فما بقيت فى بدنها ذرة من القوة بعد أن أنفقت البقية فى المكابرة: «أرجو..» ولم تزد، فقد هوت كالجثة أو كأنها ثوب فارغ.
ولم يكن هذا مما يجرى لصاحبنا فى حساب، فلم ينتبه إلى ما حدث إلا بعد أن ارتمت على الأرض.. بعضها على الكرسى، وسائرها على السجادة. فانحنى عليها وحملها وأراحها على الكرسى، وخرج يعدو ويصيح: «محمد. محمد. تعال حالا..» ولم ينتظره بل ذهب إلى غرفة النوم، وجاء منها بزجاجة من الكولونيا رش منها على وجهها الأصفر، وأقبل على راحتيها يدلكهما وخلع حذاءيها وجوربيها، وراح يدلك قدميها أيضا بالكولونيا ومحمد واقف ينظر وينتظر الأوامر التى لا تصدر ولا يصنع شيئا.
بعد لأى ما، بدأ الدم يعود إلى وجهها الممتقع.. فتنفس عبد الحميد الصعداء واطمأن. وفتحت ليلى عينيها وأجالتهما فيما حولها بفتور، ثم تنهدت ووسعها أن تتكلم. فقالت: «لم يحدث لى هذا أبدا».
فقال بشىء من العنف: «كان جميلا جدا أن يحدث لك هذا فى الشارع.. هه». فابتسمت، وقالت: «أشكرك، إنى آسفة ... هذه أول مرة». فقال: «محمد. خذ هذه الزجاجة وضعها فى مكانها.. والآن لا يسعنى - وقد خرج محمد - إلا أن أوجه إليك سؤالا ثقيلا ... باردا فى الحقيقة ... ولكنه واجب ... متى أكلت آخر مرة؟ احذرى أن تكذبى».
قالت: «لا داعى للكذب.. أمس، الظهر».
قال: «لقد ظننت ذلك..». قالت: «كيف عرفت؟».
قال: «أوه المسألة فى غاية البساطة.. ليست المسألة فراسة، ولكنها مسألة ضم قرينة الى قرينة.. مررت بمكتب.. واستدرجت صاحبه إلى الكلام عنك، فقال إنك معروفة فى مكاتب النسخ وإن كنت من الجديدات عنده.. هذا يومك الخامس فى مكتبه، وأثنى عليك وطمأننى كأنما كنت أحتاج إلى ذلك، فلما أغمى عليك الآن أدركت أن هذا من التعب والجوع ... ألا ترين أنى أصلح للقيام بدور سنكلر أو شرلوك هلمز»؟
فضحكت وقالت: «لماذا سألت عنى»؟
فقال: «قبل أن أجيبك، يجب أن تنتظرى قليلا حتى أعود إليك».
ناپیژندل شوی مخ