په لاره کې
في الطريق
ژانرونه
ولا أطيل على القارئ، فإنى أخشى أن أستطرد إلى غير ما أردت - والحديث ذو شجون كما يقولون - ويكفى أن يعلم أنى أضعت خمسة عشر جنيها فى خمسة عشر يوما. وكان الذى عنده ما بقى من مالنا يتماثل للشفاء، وكنت أزوره لأعوده كل يوم فما يليق غير ذلك، فاتفق يوما أن كنت عنده - معه فى غرفته - فجاءه الطبيب على عادته فى كل يوم فخرجت إلى الشرفة وجعلت أتمشى فيها - وكانت رحيبة - إلى أن يفرغ الطبيب من فحصه ، وكنت قد اشتريت «علبة» من الفضة للسجاير - فقد صار هذا البذخ فى وسعى - فأخرجتها من جيب البنطلون حيث رأيت أبناء الوارثين يضعونها، وأشعلت سيجارة وانطلقت أدخن وقال لى الطبيب: «هذه قسوة».
فاستغربت وسألته عن معنى كلامه، فقال إنه - أى الطبيب - حرم التدخين على نسيبنا هذا، وقد كانت رائحة الدخان تدخل الغرفة. وكان يرى المسكين تجحظ عيناه ويهتز رأسه على الوسادة، ولكنه لا يستطيع أن يقول شيئا لأنه - أى الطبيب - واقف، وحذرنى من أن أعطيه دخانا، وقال إن مريضه لاشك سيتعلق بى ويلحف فى رجائى أن أعطيه ولو سيجارة واحدة.. ولكن مصلحته تقتضى أن لا أرق له. ثم انصرف.
وعدت إلى صاحبنا وقد اختمرت فى رأسى فكرة - آخذ عشرة جنيهات دفعة واحدة، فإن أخذ الخمسات لا فائدة منه - وأسافر بها بلا تريث، وأطلب من هناك كل ما أحتاج إليه.. فما يعقل أن يضنوا على بشىء فى الغربة. ودنوت منه، وفركت كفى وقلت: «أظن أن لا فائدة اليوم من طلب شىء».
فوافق - وهو عابس - على أن لا فائدة.
فقلت: «حتى لو كان الطلب لا يعدو عشرة جنيهات لا أكثر»؟
فزاد وجهه عبوسا وهز رأسه هزات متوالية بلا مناسبة فما كان ثم ما يقتضى هذا العنف وهو المحتاج إلى الراحة التامة. ثم إنى لم أتعود منه إلا التلبية السريعة، فاقتنعت بأن رائحة الدخان - أو الطباق كما علمنى المرحوم الشيخ حمزة فتح الله - هى المسئولة عن هذا السلوك الجديد الذى لا عهد لى به منه.
قال بلهجة الجزم: «أبدا» ولم يزد.
قلت: «لا حول ولا قوة إلا بالله».
ومددت يدى إلى جيبى، فأخرجت العلبة الفضية منه وفتحتها ببطء - وكانت ملأى بالسجاير - وخفضت يدى بها وأملتها وأنا أتناول منها - ليرى ما فيها من صفى السجاير، وأخرجت واحدة ورددت العلبة إلى مكانها، وأشعلت السيجارة.
وإذا بالنائم ينتفض ويقعد على السرير ويصيح بى بصوت كالرعد: «هات العلبة.. هات العلبة».
ناپیژندل شوی مخ