په لاره کې
في الطريق
ژانرونه
وكان وجه أختى وحده كافيا للارتفاع بالظن إلى مرتبة اليقين. نعم، كانت تبتسم ولكن ابتسامها كان متكلفا، وكلامها أكثر مما ألفنا منها، وحركاتها أسرع، وكان لونها ممتقعا حتى لقد احتاجت إلى الأحمر لخديها وشفتيها. وكان الجو باردا، فاحتجنا إلى ما ندفئ به.. فجاءتنا بموقد صار الفحم فيه جمرا لأنها تكره مدفأة الكهرباء أو البترول لشدة تجفيف الكهرباء للجو، ولأن البترول له رائحة لا تطيقها.
وسألتها وأنا أتبسم: «وأين اللعين زوجك»؟
وكان لابد أن أسألها عنه، وإلا كان اجتناب ذكره واشيا بالفطنة إلى ما عسى أن يكون قد وقع بينهما. وما دامت هى لم تقل شيئا فقد يربكها أن تعلم أننا نعلم.
فقالت ببساطة: «أوه.. أظنه ملنا.. سافر ليبحث مع شريكه أمر هذه الشركة الجديدة التى يريد أن يؤلفها.. إنك تعرفه.. لا يعترف بعيد، ولا يطيق أن يقعد بلا عمل».
فسرنى أنها تكذب لتستر حماقته.. وكنت أعرف أن هذه كذبة لأنه أخبرنى بما تم، فالأمر مفروغ منه ولا حاجة به إلى سفر جديد، ولكنها لم تكن تدرى أنى أعرف هذا وإلا للجأت إلى كذبة أخرى.
وقضينا النهار على خير ما نستطيع، وإذا بنا بعد العصر نتلقى هذه البرقية: «اصطدمت السيارة وتحطمت، وإصابتى خفيفة. فهل تستطيعين أن تحضرى؟.. سيكون أخى بانتظارك بسيدى جابر» خليل.
فذعرنا جميعا فقد كان من الواضح أن الحادثة أكبر مما زعم.. ولم تستطع أختى أن تضبط نفسها، فبكت وهمت أمى أن تزجرها عن البكاء، فقلت لها: «دعيها فما خلق الدمع للناس عبثا». فقامت ترتب لها أشياءها فى الحقيبة، وتضع معها ما قد يحتاج إليه زوجها مخافة أن تكون حقيبته قد فقدت فى الحادثة، أو تركت مع السيارة المحطمة.
وقلت لأمى: «اذهبى معها، وسألحق بكما غدا.. فإنى مضطر إلى البقاء الليلة، وأبرقوا إلى فى الصباح بعد أن تروه ليطمئن قلبى».
وودعتهما فى المحطة وعدت إلى البيت - بيت أختى - حزينا كاسف البال موجع القلب، وجلست فى البيت أفكر فى هذا الحظ السيئ وأسخط على خليل، وأقول لنفسى هل كان لابد أن يصنع هذا الأحمق ما صنع، وأن يعلن إلى زوجته الجفوة ليلة العيد، ويروح يكسر عظامه أيضا ويرج زوجته هذه الرجة الشنيعة؟ ولكنه لقى فوق جزائه. مسكين. ومن يدرى ماذا جرى له؟ ولعله الآن مشرف على الهلاك، وإنها لقسوة أن ألومه. ثم أنه كان مثال الزوج الصالح، ولم تكن سيرته معها قط إلا سيرة المحب الذى لا يعنيه من الدنيا سوى زوجته، فماذا يا ترى جرى حتى كانت هذه الجفوة المشئومة؟
وإنى لجالس أدخن سيجارة فى إثر أخرى، وبى ما يعلم الله من الحزن.. وإذا بخليل داخل كالقنبلة! فانتفضت واقفا وحدقت فى وجهه مذهولا وفمى مفتوح كالأبله، فلما رآنى كذلك وقف هو أيضا، وسألنى أول ما سأل: «أين فريدة؟».
ناپیژندل شوی مخ