الكلام في فهم حديث: ((هل أنتم تاركوا لي صاحبي))
أما استدلال الشيخ وفقه الله بحديث: ((هل أنتم تاركو لي صاحبي)) فصحيح أن هذا فيه توبيخ أو لنقل عتاب شديد لعمر بن الخطاب لإغضابه أبا بكر رضي الله عنهما؛ لكن ليس فيه نفي لصحبة عمر وقد ذكرنا الجمع بين هذا الحديث وحديث خالد بن الوليد في مذكرة الصحبة ونلخص ما ذكرناه في ثلاثة أمور:
الأول: ثبوت صحبة عمر بأدلة أخرى قطعية غير ظنية؛ مما يدل على أن المراد هنا مزيدا من الخصوصية فقط.
الثاني: عدم تضمن الحديث زيادة يخاطب بها الجميع كما في الحديث الأول حديث أبي سعيد، والزيادة التي يخاطب بها الجميع في حديث أبي سعيد هي: (فلو أنفق أحدكم... ) التي يخاطب بها جميع الناس سوى أصحاب الصحبة الخاصة أو الشرعية.
الثالث: الصحبة الشرعية نفسها فيها صحابة أخص من صحابة فصحبة أبي بكر وعلي وزيد بن حارثة وبقية العشرة الذين تقدم إسلامهم لا ريب أنها أخص من صحبة حمزة وطليب بن عمرو فضلا عن طبقة عمر بن الخطاب الذي لم يسلم إلا في العام السادس من البعثة. فتأخره في الإسلام ستة أعوام يسوغ عتابه بما عاتبه به النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة إذا تخاصم مع رجل من أوائل المسلمين كأبي بكر وكان الخطأ منه أيضا، رضي الله عن الجميع.
مخ ۴۳