فنقول له: المسألة في الصحابة قريبة من هذا المعنى جدا إن لم تكن نفسها فعندما يوصي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصحابة والتابعين فليس معنى هذا الوصية برعاية من يشذ من الظلمة والفاسدين من هؤلاء وهؤلاء، ومن فرق بين الصحابة والتابعين في الوصية مع مجيئهما في حديث واحد لم يكن معه دليل إلا المبالغة في التحكم، لأن ذكر الصحابة والتابعين جاءا في حديث واحد بصيغة واحدة في هؤلاء وهؤلاء.
وكل من رزقه الله فهما للإسلام نفسه عرف أن الوصية لا تتناول من ظلم وبغى في الأرض وسبى النساء المسلمات وذبح الأطفال كبسر بن أبي أرطأة ومسرف بن عقبة وحرقوص بن زهير ولا نحوهم ممن وصف بالصحبة ولا تتناول الوصية الحجاج الظالم من التابعين ولا المختار وإنما يعني معرفة حق الصالحين منهم وهم أي الصالحون ممن هم في القرون الأولى أكثر نسبة في القرون اللاحقة وأصدق وأفهم للإسلام، فكأن الحديث يخبر عن ضياع الحقيقة مع الزمن وبضياعها تضيع أشياء كثيرة حتى يصبح المعروف منكرا، والمنكر معروفا، ويصدق الكذوب ويكذب الصادق، ويخون الأمين ويؤتمن الخائن... كما ثبت هذا في أحاديث أخرى.
1- ومن تبويبات ابن حبان في صحيحه (1/509) باب (ما يجب على المرء من القول بالحق وإن كرهه الناس) وذكر في ذلك حديث أبي سعيد ومناسبته يعرفها الشيخ السعد أنها في معاوية (راجع ألفاظ الحديث في غير ابن حبان وماذا قال أبو سعيد؟).
2- وبوب ابن حبان (1/510) باب (رضا الله جل وعلا عن من التمس رضاه بسخط الناس) وذكر حديث عائشة الذي كتبته لمعاوية تعرض به بأنه يلتمس رضا الناس بسخط الله (راجع ألفاظ الحديث) وبوب بابا آخر بهذا المعنى (1/511).
3- وبوب في صحيحه (1/511) (باب الزجر عن السكوت عن الحق إذا رأى المنكر أو عرفه ما لم يلق بنفسه إلى التهلكة) وذكر حديث أبو سعيد وقوله (فما زال البلاء بنا حتى قصرنا... ) ويشهد له ما سبق بأنه قاله في زمن معاوية.
مخ ۳۷