په اصلاح لپاره
في سبيل الإصلاح
خپرندوی
دار المنارة للنشر والتوزيع
د ایډیشن شمېره
الرابعة
د چاپ کال
١٤١٦ هـ - ١٩٩٦ م
د خپرونکي ځای
جدة - المملكة العربية السعودية
ژانرونه
من أخلاقنا
نشرت سنة ١٩٤٧
أعرف رجلًا أنعم الله عليه بسعة المال، وفطره على صدق الود وبسط اليد فأباح إخوانه ماله، يغترقون منه اغتراقًا، ويأخذون منه علًا ونهلًا، قرضًا حسنًا لا يطالبون برده، وهدية لا يسألون المقابلة بمثلها، وهبة لا يُرتقب منهم عوض عنها، ولا يسمعون كلمة منّ أو تذكير بها. وفَتَح لهؤلاء (الإخوان) -وما كان أكثرهم- داره، وأفرد لهم جناحًا فيها لا يدخله أحد من حرمه وأهله، وأقام عليهم خادمًا وطاهيًا، وانقطع فيه لاستقبالهم قادمين بالبشاشة والترحيب، وإيناسهم مقيمين وخدمتهم، وتوديعهم راحلين مشيعًا إياهم بالكرامة، شاكرهم على (تفضلهم) بالزيارة، سائلهم (التكرم) بالعودة.
ولبث هذا الرجل على ذلك حتى أضاع ماله كله، فباع الدار وأثاثها، وغدا فقيرًا يحتاج إلى (الورقة السورية)، فلا يجد في كل أولئك (الإخوان) من يدفعها إليه، لا وفاء دين، ولا مقابل هدية، ولا عوضًا من هبة، ولا قرضًا حسنًا إلى أيام السعة، اللهم إلا قرضًا بربا، ولا يرضى المرابون أن يقرضوا مفلسًا.
...
ولعلّ الرجل أخطأ حين عمد إلى هذا (الكرم الجاهلي) فأخذ به، وترك التأدب بأدب القرآن الذي يقول: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾؛ والذي جعل المبذرين إخوان الشياطين. ولعله لقي جزاءه ... فما سقت القصة للحكم عليه، وإنما قصصتها لأنها ذكرتني بطائفة «من أخلاقنا»، هي كالداء في جسم الأمة، لا يجمل بالكتَّاب وحملة الأقلام السكوت عنها والرضا بها، وهم أطباؤها وأساتها، وعندهم دواؤها.
1 / 95