الناس واحدًا يملك مليونًا ومليونًا لا يملكون الواحد؟ وألفًا يشتغلون لرجل، والرجل لا يعمل عملًا؟ وإنسانًا يظن نفسه من الغنى والكبر إلهًا، وأناسيَّ تحسب أنها من الفقر والضعة بهائم؟.
متى كان هذا في طبع العربي؟ متى كان في شرع المسلم؟.
متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟.
يا ناس. راقبوا الله، فإن هذا ظلم، والله لا يرضى لعباده الظلم ولا يقرهم عليه، ولكنه يمد للظالم ثم يأخذه، فاتقوا إخذة الله.
يا ناس. اعقلوا، فإن هذا باب الشيوعية فإن لم تغلقوه دخلت عليكم فأهلكتكم.
يا ناس. ارحموا، فإن هؤلاء ناس مثلكم، لا تحسبوهم بهائم لئلا يصنعوا فيكم صنيع البهائم، فيثوروا عليكم رفسًا ونطحًا وعضًا ولدغًا، فلا تملكوا دفعهم، ولا النجاة منهم.
لا، لا تحقروهم، فإن الدجاجة إذا هبت تحمي فراخها استماتت فانقلبت صقرًا، والقطة إذا ضويقت وغضبت صارت نمرًا، والماء إذا اندفع كان سيلًا مدمرًا، والهواء إذا انفجر كان إعصارًا مخربًا، ولولا الضغط ما ثقب المسمار الخشب، ولا أطلق المدفع القنبلة، ولا زلزلت الأرض، ولا انفتحت البراكين، ولا ثارت الشعوب.
فارحموهم ترحموا أنفسكم! واعدلوا فيهم تدفعوا عنكم يومًا أسود لا تعلمون إذا حلَّ (١) عَمَّ ينجلي سواده! وقوا مصر إن كنتم تحبون مصر، جائحة مهلكة وداهية مكفهرة، أولها الشيوعية وآخرها ما لا يعلمه إلا الله! وهذا إنذار!
...
_________
(١) وقد حلَّ بعد هذه المقالة ببضع سنين جاءها به جمال عبدالناصر.
1 / 60