في مدينة الأقصر هذه الأيام، أصبح الحديث عن ظاهرة الشذوذ الجنسي مع الفتية - التي كان يستلذ بممارستها قبل ذلك في الخفاء لكن على نطاق واسع - جهارا نهارا، وتحولت إلى تجارة نتيجة تدفق المثليين الأجانب إلى المدينة. فأي غربي أعزب الآن - سواء أكان يحب الفتيان أم لا - سرعان ما سيكتشف أن حياته على نحو طبيعي تكاد تكون مستحيلة. فنصف فتية البلد على الأقل على استعداد لبيع جسدهم بلا أدنى تفكير لأي غربي، وهذا ما يفعله الكثيرون منهم عادة شريطة ألا ينتظر منه أن يكون الطرف السلبي في العلاقة. •••
اجلس في أحد المقاهي التي لا يعرفك فيها أحد، وفي غضون دقائق ستجد نفسك محاطا بفتية من أبناء البلد يريدون أن يعرفوا هل أنت متزوج أم لا، وإن اكتشفوا أنك لست متزوجا فسيسألونك هل تود اصطحاب أحدهم إلى شقتك. اذهب إلى حمام السباحة العام في المدينة وسوف يشير المراهقون المارون بك إلى الجزء السفلي من جسدهم بابتسامة متكلفة دنيئة؛ وهي دعوة لممارسة الجنس الفموي في مقابل الأجر المناسب. جميعهم يتابعون أحدث صيحات السياحة ويعرفون بأمر المواقع التي تتحدث عن المثلية والأماكن التي تحددها هذه المواقع على نحو يثير السخرية على أنها «أماكن تجول المثليين» (كأن في الأقصر مكانا لا يندرج في هذه الفئة). إذا حدث ومررت بأحد هذه الأماكن، فسيفترض على الفور أنك تبحث عن صيد. حتى وإن طلبت من الفتية العابثين ذوي النظرات الشهوانية أن يغربوا عن وجهك، فسيتبعك واحد على الأقل (أو أكثر في كثير من الأحيان) وقتا يبدو طويلا جدا على أمل أنك ستلتفت إليه عاجلا أم آجلا وتتحدث معه. وإذا استأجرت شقة، فمن الأفضل أن تطلب من البواب في اليوم الأول ألا يسمح بدخول أي شخص يزعم أنه صديقك تحت أي ظرف، وإلا لن يتوقف دوي الطرقات على الباب من شباب يجربون حظهم واحدا تلو الآخر.
يبدو أن السلطات المصرية لا تخرج عن سكونها إلا عندما يصل الأمر إلى حد الصور الإباحية لما فيها من تهديد فعلي بأنها «تشوه صورة مصر في الخارج». غير أني أذكر واقعتين فحسب تدخلت فيهما الشرطة. الواقعة الأولى تورط فيها غربي رسا بيخته على ضفاف نهر النيل، ثم أقام علاقات جنسية مع عشرات الشباب داخل اليخت مصحوبة بالتقاط الصور. تسرب عدد من الصور إلى يدي أحد أفراد شرطة السياحة (إضافة إلى بقية أهل البلدة؛ جميع من ذكرت لهم تلك الواقعة بعد سماعي عنها للمرة الأولى كادوا يزعمون رؤيتها، بل إن أحدهم عرض أن يحضر لي نسخة منها مقابل الحصول على المال). أما بطل الواقعة الثانية فكان غربيا التقط له أحد الفتيان صورا دون معرفته باستخدام كاميرا هاتفه المحمول وهو يمارس الجنس مع عدد من أصدقاء الفتى الذي حاول بعدها ابتزازه مهددا إياه بنشرها على الإنترنت. المثير للدهشة أن الرجل تقدم بشكوى إلى شرطة السياحة التي ألقت القبض على الفتية، وطلبت من الأجنبي مغادرة البلاد على متن أول طائرة. (جدير بالذكر أيضا أن الشرطة طلبت من صاحب اليخت أن يبحر من البلد أو من المدينة على الأقل.) لم يعرف أي شخص تحدثت معه عن الواقعة نوع العقاب - إن كان هناك عقاب من الأساس - الذي وقع على هؤلاء الفتية. أجمع الكل على أنهم على الأرجح تعرضوا للضرب، ثم أطلق سراحهم.
تلك إذن هي المدينة «الصديقة للمثليين» التي تروج لها المواقع الإلكترونية التي جذبت حتى الآن مئات - وربما آلاف - المثليين الغربيين إلى الأقصر كل عام. وعندما ننظر لتلك الأرقام الهائلة نجد مع الأسف أن عددا كبيرا من هؤلاء يتصرفون بصفاقة شأنهم في ذلك شأن أبناء البلدة (وإلا فلماذا يتوقع أبناء البلدة الأسوأ دائما؟) في يوليو/تموز 2007، صار السلوك الغريب الذي أتى به أحد الأفراد حديث المدينة؛ فسلوكه يوضح كيف أن انتشار البغاء بين المثليين الذكور قد يكون له تبعات وخيمة حقا على الجيل القادم في الأقصر. كان الكهل الإنجليزي - الذي اعتاد زيارة مصر منذ سنوات - مصابا بمرض الإيدز، وأخبره طبيبه مؤخرا أن أيامه في الحياة صارت معدودة. رأى الرجل رغبة في ممارسة الجنس قبل وفاته، واختار الأقصر لتكون مثواه الأخير. وطوال الأسابيع الأخيرة من حياته كان قواده يأتيه باثني عشر فتى على الأقل كل يوم. أقام هؤلاء الفتية علاقات مع الرجل - واحدا تلو الآخر - دون استخدام واق ذكري. وعندما بلغت تلك الأنباء مسامع أحد أصدقاء هذا الرجل - الذي كان مثليا هو الآخر لكن على علاقة طويلة مع أحد أبناء المدينة - هدده بإبلاغ الشرطة؛ لكن الرجل طمأنه في البداية إلى أنه يمارس الجنس الآمن. ولما لم يقتنع الصديق، سأل القواد الذي أخبره أن شباب المدينة لا يستخدمون الواقي الذكري أبدا سواء بعضهم مع بعض أو مع الأجانب (ما لم يصر الأجنبي على ذلك)، وفي تلك الحالة لم يصر الأجنبي على شيء. ثارت ثائرة الرجل، وقرر تسليم صديقه إلى الشرطة، لكن لم تتح له الفرصة لذلك؛ فقد أخبر مريض الإيدز قواده أنه يرغب في النوم بعد مضاجعة عشرة شباب ذلك اليوم، ووافته المنية أثناء نومه.
أقام «أصدقاء» الرجل المصريون حفلة على شرفه ، واتضح أنه ترك ثروته الضخمة للقواد. وما زاد الطين بلة أن أخته - التي كانت ترافقه في رحلاته إلى الأقصر منذ سنوات - نثرت رماد جثته فيما بعد في مياه النيل.
يقول إدجار في مسرحية «الملك لير»:
الأسوأ ليس هو الأسوأ حقيقة
ما دام بإمكاننا أن نقول: «هذا هو الأسوأ.»
حري أن تكتب هذه المقولة على المدخل الرئيسي لمدينة الأقصر. فالأسوأ من الواقعة نفسها أن الجميع كانوا على علم بما يحدث قبل وفاة الرجل؛ ليس المواطنون فحسب وإنما رجال الشرطة أيضا. فالشرطة على علم بكل ما يجري في المدينة - بفضل شبكة مخبريها السريين المنتشرين في مناطق شتى - خاصة مع مستأجري الشقق، لأن مخبري الشرطة الرئيسيين يعملون حراسا لمداخل العقارات. بل إني عرفت حكاية الرجل قبل وفاته بيومين أو ثلاثة أيام عندما كنت أتناول مشروبا مع أحد الأصدقاء.
قال لي: «في كل مرة أراه يسير في الشارع أقول بصوت عال: «اللهم أرحنا من هذا الرجل! اللهم أهلك من يقتل شبابنا.»»
ناپیژندل شوی مخ