أفهمني يا رجل! ليس لهذه الأشياء رخصة الإبداع الأدبي، ثم إنها فوق ذلك ينقصها الصلة بالجماهير!
الجاحظ :
أستأذنكم يا سيادة القاضي في أن أقول إن أحد المستشرقين قد فطن فيما كتبته إلى أشياء لم يفطن لها - لسوء الحظ - أحد من النقاد العرب، وهو أن محاورة الكلب والديك في كتابي «الحيوان»، وإن أوهمت القارئ بأنه كلام من خصائص الحيوان، فهي في الحقيقة رمز إلى أوضاع سياسية في العصر الذي عشت فيه، فإذا لم يكن للجماهير شأن بذلك، فماذا إذن يكون شأنها عندكم؟
القاضي :
يظهر أنك كثير اللجاجة مولع بالجدل، وقد رأت المحكمة أن تخفف عنك الحكم، تأسيسا على براعتك في تصوير البخلاء من جهة، وعلى سوء حالتك الصحية من جهة أخرى، لكن يجب عليك أن تعلم أن كل هذه الأعمال التي خدعت بها تاريخ الأدب، من بيان وتبيين إلى حيوان وغير ذلك، ليست من الأدب في شيء. نادوا المتهم الثاني، وليكن هذه المرة من المتهمين الخواجات. (فنودي على فرانسيس بيكون.)
نائب الاتهام (هامسا إلى القاضي) :
أقترح أن ينادى معه ميشيل مونتيني. أولا: ليكون بيكون ممثلا للمزورين من أدباء الإنجليز، وليكون مونتيني ممثلا للمزورين من أدباء الفرنسيين. وثانيا: لأن كلا منهما كان - مثل سيادتكم - قاضيا. وثالثا: لأنهما معاصران. ورابعا - وهو الأهم - لأنهما من كتاب المقالة التي يزعمان أنها من الأدب. (ونودي ميشيل مونتيني، ووقف إلى جانب فرانسيس بيكون.)
القاضي (بصوت مسموع للحاضرين) :
لا بأس، لا بأس.
القاضي :
ناپیژندل شوی مخ