په نړۍ کې د رؤیا
في عالم الرؤيا: مقالات مختارة لجبران خليل جبران
ژانرونه
أسير في البرية الخالية فأرى السواقي تتصاعد متراكمة من أعماق الوادي إلى قمة الجبل، وأرى الأشجار العارية تكتسي وتزهو وتثمر وتنثر في دقيقة واحدة، ثم تهبط أغصانها إلى الحضيض وتتحول إلى حيات رقطاء مرتعشة، وأرى الأطيار تنتقل متصاعدة هابطة مغردة مولولة، ثم تقف وتفتح أجنحتها وتنقلب نساء عاريات محلولات الشعر ممدودات الأعناق، ينظرن إلي من وراء أجفان مكحولة بالعشق، ويبتسمن إلي بشفاه وردية مغموسة بالعسل، ويمددن نحوي أيادي بيضاء ناعمة معطرة بالمن واللبان، ثم ينتفضن ويختفين عن ناظري ويضمحللن كالضباب، تاركات في الفضاء صدى ضحكهن مني واستهزائهن بي.
أنا غريب في هذا العالم.
أنا شاعر أنظم ما تنثره الحياة وأنثر ما تنظمه؛ ولهذا أنا غريب، وسأبقى غريبا حتى تخطفني المنايا وتحملني إلى وطني.
السيدة وردة الهاني
1
ما أتعس الرجل الذي يحب صبية من بين الصبايا ويتخذها رفيقة لحياته، ويهرق على قدميها عرق جبينه ودم قلبه، ويضع بين كفيها ثمار أتعابه وغلة اجتهاده، ثم ينتبه فجأة فيجد قلبها الذي حاول ابتياعه بمجاهدة الأيام وسهر الليالي قد أعطي مجانا لرجل آخر ليتمتع بمكنوناته ويسعد بسرائر محبته!
ما أتعس المرأة التي تستيقظ من غفلة الشبيبة فتجد ذاتها في منزل رجل يغمرها بأمواله وعطاياه، ويسربلها بالتكريم والمؤانسة، لكنه لا يقدر أن يلامس قلبها بشعلة الحب المحيية، ولا يستطيع أن يشبع روحها من الخمرة السماوية التي يسكبها الله من عيني الرجل في قلب المرأة! •••
عرفت رشيد بك نعمان منذ حداثتي، وهو رجل لبناني الأصل بيروتي المولد والدار، متحدر من أسرة قديمة غنية موصوفة بالمحافظة على ذكر الأمجاد الغابرة، فكان مولعا بسرد الحوادث التي تبين نبالة آبائه وجدوده، متبعا بمعيشته عقائدهم وتقاليدهم، منصرفا إلى تقليدهم عن العادات والأزياء الغربية المرفرفة كأسراب الطيور في فضاء الشرق.
وكان رشيد بك طيب القلب كريم الأخلاق، لكنه ليس كالكثيرين من سكان سوريا لا ينظر إلى ما وراء الأشياء، بل إلى الظاهر منها، ولا يصغي إلى نغمة نفسه بل يشغل عواطفه باستماع الأصوات التي يحدثها محيطه، ويلهي أمياله ببهرجة المرئيات التي تعمي البصيرة عن أسرار الحياة، وتحول النفس عن إدراك خفايا الكيان إلى ملاحقة الملذات الوقتية. وكان من أولئك الرجال الذين يتسرعون بإظهار محبتهم أو مقتهم للناس وللأشياء، ثم يندمون على تسرعهم بعد فوات الوقت، عندما تصير الندامة مجلبة للسخرية والاستهزاء بدلا من العفو والغفران. •••
هذه هي الصفات والأخلاق التي جعلت رشيد بك نعمان يقترن بالسيدة وردة الهاني، قبل أن تضم نفسها نفسه في ظل المحبة الحقيقية التي تجعل الحياة الزوجية نعيما.
ناپیژندل شوی مخ