وإذا شاء القارئ فلتكن هذه دعواي لإبداء ما أبديت وإخفاء ما أخفيت، إذ الواقع أنني لا أحسب القارئين اللذين يتفقان على الجواب يكثران بين أفراد الناس؛ لأن الفضول قد يغري الأكثرين بما نخفيه دون ما نبديه.
والآن وقد مضت السنون العشر، ماذا تغير وماذا بقي فلم يتغير على مر تلك السنين؟
تغير الكثير من أمور العالم، وتغير الكثير من أمور مصر، وتغيرت من الناس أمور يراها من كان يعرفها، فلا يعرفها الآن.
وبيتي هذا هو بيتي هذا، لم أغيره ولم يغيرني، ولم يطرأ عليه وجه غريب إلا ريثما يغيب.
وكل ما جد فيه فهو رابطة جديدة توثق من روابطه الأولى، كتب تزداد حتى ليتعسر انتقالها من موضع إلى موضع، وذكريات نزداد حتى لتجور على عالم الحاضر، وعالم المآل، وعالم الآمال!
والسلالم التي صعدتها مثنى مثنى وواحدة واحدة، قد تغير عليها شيء قليل في أيام قليلة.
مع السيدة درية شفيق في حجرة المائدة وترى الكتب تحتل أركان البيت جميعها.
صعدتها بعكاز، بعد تلك العثرة التي أقعدتني في الإسكندرية قرابة شهرين، ثم ها هو ذا في ركنه أنظر إليه كلما هبطت السلالم أو صعدت عليها؛ ليجنبني مرآه مزالق العثرات.
لي قصيدة ألقي فيها على لسان «مسكن للإيجار» أبياتا يقولها في ساكن من نزلائه بعد ساكن، فيذكر منهم من يذكره بالخير، ويذكر منهم من لا يأسى عليه.
في ذمة الغد شاعر يلقي على هذا المسكن رأيه في هذا المقيم؛ المطيل، أتراه يحمد منه أنه ارتقى به من ابتذال التنقل إلى كرامة البقاء والاستقرار؟ أم يضجر منه ويشيعه بالمذمة بعد هذا المكث الطويل؟
ناپیژندل شوی مخ