په خالي وختونو کې
في أوقات الفراغ: مجموعة رسائل أدبية تاريخية أخلاقية فلسفية
ژانرونه
محمد السباعي
ذكرنا في كلمتنا إلى القارئ أن كتاب النقد سيتناول السباعي، وكنا نظن ما كتبناه عنه في «الجريدة» قد يعني القراء. لكنا ألفيناه لا يزيد على تقدير السباعي كمترجم لا كمؤلف. فاكتفينا بهذه الإشارة.
الكتاب الثاني
شئون مصرية
آثار وادي الملوك (1)
من القاهرة إلى الأقصر
دعيت الصحافة المصرية أخيرا لزيارة قبر الملك توت-عنخ-آمون. دعيت لتوقف المصريين على آثار جد من أجدادهم، باقية لا تزال، في أرض مصر بين مقابر الملوك الفراعنة. لكنها دعت بعدما أذاعت صحف لندرة، بل صحف العالم، التفاصيل التاريخية والفنية عن قبر هذا الملك المصري. وبعدما نشرت الجرائد والمجلات الأجنبية صورا مختلفة صورت بين أطلال طيبة الأزلية الخالدة. ثم تخطت النيل، وتخطت البحار قبل أن تقع عليها عين واحد من أبناء أصحاب مقابر طيبة.
وفيما بين افتتاح باب قبر الملك المصري، ودعوة رجال الصحافة المصرية - في هذه الفترة التي تجاوبت فيها صحف العالم بخبر هذا الاكتشاف، وكتبت عنه الفصول الطوال ، لم تعن الحكومة المصرية ولم تعن جهات حفظ الآثار المصرية، بإطلاع الأمة المصرية على أية معلومات عن هذا الأثر المصري تدلهم على قيمته. وتكشف لهم عن شيء من حقيقته. فلما وصلت الجرائد من إنكلترا مترعة بالأخبار عنه تكرمت وزارة الأشغال المصرية فأصدرت بلاغا تافها مبهما لا تقف منه على شيء ولا تعرف له معنى محدودا. •••
دعيت الصحافة المصرية أخيرا لزيارة قبر الملك توت-عنخ-آمون، فأذكرتني هذه الدعوة - لذلك الأثر المصري - تلك الآثار العزيزة العظيمة انتقلت على ظهور البحار إلى إنكلترا وغير إنكلترا من مختلف بلاد العالم، وكان أحرى بها أن تبقى على ثرى الوطن. وأذكرتني الرحلات الطويلة كنت أمضي فيها بياض النهار وقطعا من الليل وجل مقصدي أن أشهد تلك الموميات الناطقة في صمت الموت بجلال القدم، وتلك التماثيل المهيبة بضخامتها وعظمها، وتلك النقوش الممتلئة برموز الحياة قبل الموت والحياة بعده. وأذكرتني! نعم أذكرتني بتمثال إيزيس الصغير قائما في بلوره بين التماثيل الضخمة في الصالة المصرية من صالات المتحف البريطاني محدثا ما حوله من التماثيل الضخمة بحكمهم على الكون والكون في أحلام خلقه، متسخطا على الذين كشفوا عن الموميات ليجعلوها موضع لهوهم وكأنما الأموات متاع العيون ... أذكرتني هذا وأذكرتني سواه فنسيت ما نحن منهمكون فيه من أعمال الحياة، وما نحن مرتطمون فيه من الشهوات السياسية، فآثرت أن أسافر بنفسي إلى مقابر الملوك والملكات من أجدادنا الأقدمين. •••
شقة السفر من مصر إلى الأقصر طويلة. ومهما تعزيت بمشهد الوادي عن جانبيك يشقه القطار، فتتابع صوره أمام نظرك كأنها صور متحركة، فإن هذه الصور بالغة آخر الأمر من التشابه ما لا ترى بعده منها محلا لاستزادة. لكنك واجد في اختلاف ساعات النهار الشمس قبيل المغيب، فأبشر بمغرب شمس قد يبلغ بك من الإعجاب وصنوف الجو ما يبعد عنك السآمة. فإذا أنت رأيت السحب تجاور حد العبادة، فيذهلك عن الوادي وصوره المتحركة ، والزمن وساعاته المتتابعة، ونفسك وما قد بدأت تشعر به من ملال وتعب، ويمسك خيالك محدقا بالمغرب البديع الذي أمسى يذرك رويدا رويدا فتعلقت به نفسك، وانجذب إليه قلبك، ووقف عنده كل وجودك حتى تراه قد غاب واختفى، وأنت لا تدري متى غاب ولا متى اختفى.
ناپیژندل شوی مخ