په خالي وختونو کې
في أوقات الفراغ: مجموعة رسائل أدبية تاريخية أخلاقية فلسفية
ژانرونه
ذلك وحده هو الذي كان يجعلني أشعر بهذا اليأس والقنوط. أما ما دونه فما كان ليحزنني أو يؤثر في. فإذا قضيت بعد ذلك على ما فعلت بأنه نتيجة جنون فمثل هذا القضاء لا يصدر إلا عن أحمق مأفون. •••
فإلى هذه العصور القديمة إذن يجب أن نرجع لنفيض على أنفسنا المتمدينة المدنسة بأطماع المادة شيئا من هذا الروح القوي الكبير، الذي يعرف أن فوق المتاع والشرف واللذة المادية شيئا أعلى من هذه اللذات الوضيعة. سيالا روحيا ينقذنا لحظات من تفكيراتنا الحيوانية الشرهة. أجل! إليها يجب أن نطلب السر ومعنى الحياة علنا نتجه - ولو قليلا - صوب ما تملي به العواطف السامية الخالدة من أداء واجب النفس، ولو كان في أدائه تلف الجسد.
لهذا فالخدمة التي قدمها الدكتور طه حسين للأدب العربي وللنفوس المتمدينة - بنشره صحائفه المختارة - خدمة جليلة. ولقد كان بودنا لو كان تحليله للنفس اليونانية أطول وأغزر مما كان. فتاريخ الإنسانية متضامن كله، وصلة ما بين الحاضر والماضي هي الضمين بمعرفة السبيل الحقة التي نسلكها في المستقبل.
ولا نظن صديقنا يحجم بعد نشره هذا الجزء عن الاستمرار في تاريخ اليونان بحثا واستجلاء وعرضا على قراء العربية. فإن ما أضاء به في هذا الجزء على عصر إيسكولوس وسفوكليس ليجعل النفوس كلها أشد ما تكون اشتياقا لترى على نور بحث الأستاذ وترجمته سائر عصور اليونان في مختلف نواحي حياتها.
طه حسين (2)
رد على نقد حول كتاب جان جاك روسو
أخي طه!
تحية واحتراما. أكتب لك عما تبرعت به من نقد الجزء الثاني من كتاب جان جاك روسو، حياته وكتبه. ولست أقصد بما أكتب إلا مناقشة صديق لصديق. وستجدها مناقشة خالية من كل ما تتهم به نفسك من عنف أو شدة.
أخذت على هذا الجزء الثاني من كتابي عن روسو أنه مطبوع طبعا رديئا على ورق غير لائق بكتب العلم والأدب، وأن به أغلاطا مطبعية كثيرة، وأخذت علي أني في إهمال الطبع وعدم اختيار الورق، وعدم العناية بالتصحيح أزدري الجمهور، وأني لا أحفل باللغة كما ينبغي، وأني لم أضع لكتابي فهرسا ولم أبوبه، وجعلت لهذا النقد أكثر من أربعة أنهر في «السياسة». ثم أثنيت على الكتاب بأن موضوعه جان جاك روسو، وبأن كاتبه هيكل. وجعلت لهذا الثناء نصف نهر من أنهر السياسة.
ولست أخفيك أني أشعر بأن نصف النهر هذا فيه من المعنى ما «يخجل تواضع» روسو لو أنه كان حيا، وما «يخجل تواضعي» أنا اليوم. واعذرني إذا استعرت في هذا المقام عبارة سعد زغلول. لكني أود أن أسألك عما إذا كان القارئ - البعيد عني وعن روسو - يشعر بمثل شعوري بعد أن يفرغ من قراءتك، وقد عرف أن الكتاب مطبوع طبعا سيئا على ورق رديء، وأن به خطأ مطبعيا وإهمالا لضبط بعض الألفاظ من الجهة اللغوية، وأنه مع ذلك كتاب دسم مفيد، لكن سوء طبعه وورقه يصد عن قراءته؟ فما الذي يمكن لهذا القارئ أن يقف عليه من أمر الكتاب. ما هو هذا الغذاء الأدبي والعقلي الذي لا يستطيع أن يصل إليه والذي كان حقا عليك أن تدله عليه؟ ألا تظن أنه - ولم يستدل على شيء منه - يشعر بأنك لم تقرأ الكتاب، بل اكتفيت بتقليب صفحاته، واقتصرت بعد ذلك على الكتابة عن الشكل والصورة الظاهرة من غير أن تكلف نفسك عناء الوقوف على موضوع الكتاب لترى إن كان سوء شكله يستحق احتمال القراء عناء مطالعته، ولتقدر مباحث الكاتب فتحكم له أو عليه.
ناپیژندل شوی مخ