194

په نوي ادب کې

في الأدب الحديث

ژانرونه

فهذا الشعر السياسي، وهذه النفس المتوثبة الطموح، وهذه الثورة المتأججة التي انتهت بصاحبها إلى النفي والتشريد, هي من الجديد في معاني البارودي وشعره، وهي جديدة حتى في الأدب العربي كله، وإن كان المتنبي قد حاول من قبل ملكا وثار على الدنيا التي مكنت للعبيد والخصيان والعلوج في الأرض يسوسون شعوبا ضعيفة, وجعل يقول:

في كل أرض وطئتها فدم ... ترعى بعبد كأنها غنم

فإنه اكتفى بالإشارة والتلميح والزفرة الحارة، وبملامة الدهر ومحاربته في مطلبه، ولكن البارودي كان يطلب شيئا آخر: كان يطلب الحرية لقومه, والعدل والمساواة، كان يطلب العيشة الهنية في ظلال الحرية، ولا عليه إذا طلب بجانب هذا ملكا عضوضا ليحقق لقومه آمالهم، وهب البارودي قلد المتنبي في بعض معانيه، فهل كان اقتحامه نار الثورة تقليدا؟ أو ليس شعره هذا وليد الحوادث وصدى لها؟ وهل فترت عزيمته، ووهنت قوته، وذلت نفسه وهو يقاسي ألم النفي والتشريد، ما دام يدب في جسمه شيء من العافية؟ كلا! وإذا شئت برهانا فاستمع لهذه الكلمات التي كانت يخشى بأسها على البعد حكام مصر؛ كأنها جيش لهام يبدد سعادتهم.

أبى الدهر إلا أن يسود وضيعه ... ويملك أعناق المطالب وغده

تداعت لدرك الثأر فينا ثعالة ... ونامت على طول الوتيرة أسده

فحتام نسري في دياجير محنة ... يضيق بها عن صبحة السيف غمده؟

إذا المرء لم يدفع يد الجور إن سطت ... عليه فلا يأسف إذا ضاع مجده

ومن ذل خوف الموت كانت حياته ... أضر عليه من حمام يؤده

وأقتل داء رؤية العين ظالما ... يسيء، ويتلى في المحافل حمده

علام يعيش المرء في الدهر خاملا ... ويفرح في الدنيا بيوم يعده؟

يرى الضيم يغشاه فيلتذ وقعه ... كذى جرب يلتذ بالحلد جلده # عفاء على الدنيا إذا المرء لم يعش ... بها بطلا يحمي الحقيقة شده

مخ ۲۱۴