نبأة أطلقت عيني عن سنة ... كانت حبالة طيف زارني سحرا
فقمت أسال عيني رجع ما سمعت ... أذني، فقالت: لعلي أبلغ الخبرا
ثم اشرأبت فألفت طائرا حذرا ... على قضيب يدير السمع والبصرا
مستوفزا يتنزى فوق أيكته ... تنزي القلب طال العهد فادركرا1
لا تستقر له ساق على قدم ... فكلما هدأت أنفاسه نفرا
يهفو به الغصن أحيانا ويرفعه ... دحو الصوالج في الديمومة الأكرا2
ما باله وهو في أمن وعافية ... لا يبعث الطرف إلا خائفا حذرا
إذا علا بات في خضراء ناعمة ... وإن هوى ورد الغدران أو نقرا
فأنت تراه يتتبع الطائر في أقل حركة له، ويحاول أن يستشف دخيلة قلبه الصغير ليعرف سر فزعه، وترقبه، ويتعجب لهذه الحياة القلقة المضطربة, مع أن ظاهر الأمر ينبئ أنه في نعمة وعافية، وهذه لعمري خطرات شاعر مرهف الإحساس جياش العاطفة.
واستمع إليه يصف غيضة احتلها في "قندية" أيام حرب كريت:
ومرتبع لذنا به غب سحرة ... وللصبح أنفاس تزيد وتنقص3
وقد مال للغرب الهلال، كأنه ... بمنقاره عن حبه النجم يفحص4
رقيق حواشي النبت، أما غصونه ... فريا، وأما زهره فمنصص5
إذا لاعبت أفنانه الريح خلتها ... سلاسل تلوى، أو غدائر تعقص6
كأن صحاف الزهر والطل ذائب ... عيون يسيل الدمع منها وتشخص7
يكاد نسيم الفجر إن مر سحرة ... بساحته الشجراء ولا يتخلص
كأن شعاع الشمس والريح رهوة ... إذا رد فيه سارق يتربص8
مخ ۲۰۱