Fedayeen from the Era of the Messenger
فدائيون من عصر الرسول
خپرندوی
دار الضياء للنشر والتوزيع - عمان
د ایډیشن شمېره
الخامسة
د چاپ کال
١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
د خپرونکي ځای
الاردن
ژانرونه
ـ[فدائيون من عصر الرسول]ـ
المؤلف: أحمد الجدع
الناشر: دار الضياء للنشر والتوزيع - عمان، الاردن
الطبعة: الخامسة، ١٤٠٧هـ - ١٩٨٧م
عدد الأجزاء: ١
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
1 / 3
فدائيون من عصر الرسول
1 / 4
مقدمة الطبعة الرابعة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
عندما كتبت مقدمة الطبعة الأولى بعنوان " مدخل " سنة ١٩٧٩، ذكرت فيها أمورًا حول العمل الفدائي الذي تبناه جماعة من المسلمين واتبعوا فيه مبادىء مستوردة من أعدائهم، واتخذوا لهم قدوة من هم لهم أعداء، وحذرت يومها من مغبة السير في هذا الطريق، وحاولت أن أنبه إلى طريق الفداء الصحيح فكتبت عن حياة ثلاثة من الفدائيين الصحابة رضوان الله عليهم، وحاولت توجيه الأنظار إلى منهجهم في الفداء حتى يكون ذلك قدوة لمن أراد أن يسلك هذا الطريق.
ومع مرور الأيام وتعاقب الأحداث تبين لكثير من الناس صدق المنهج الذي دعوت إليه، فقد وقعت الحركة الفدائية في شراك الأعداء فلم ينفعها من تسمت بأسمائهم أو سلكت مناهجهم أو اتخذتهم قدوة لها، فقد غاب كل هؤلاء عن الساحة عندما جد الجدّ ومسّت الحاجة إلى العون والمساعدة. . .
وبان الصبح لذي عينين، فإن هذه الأمة التي نصرها الله بالإسلام وأعزها به لا يمكن أن تنتصر بغيره من المبادىء، وان الله الذي ينهانا أن نتخذ أعداءنا أولياء لا يمكن أن يقدر لنا النصر بهم، لهذا كان علينا أن نعيد الدعوة لهؤلاء الذين ضلوا السبيل لكي يعودوا إلى الطريق القويم، فبالاسلام انتصرنا من قبل، وبه سوف ننتصر من بعد، ولن ينفعنا زخرف المبادىء المستوردة أو بريق الدعوات المرقعة من الشرق أو الغرب، ولا يستطيع أولئك الذين آمنوا بمبادىء
1 / 5
الأعداء الا أن يكونوا لهم أولياء، فكيف نعتمد عليهم في التحرير والفداء؟
لقد كان لهذا الكتاب صدى طيب، فتكررت طبعاته في فترات متقاربة، واستجابة لهذا القبول من القراء فقد اضفت له في طبعته الرابعة هذه فصولًا ثلاثة تحدثت فيها عن حياة ثلاثة آخرين من الصحابة الذين لهم في العمل الفدائي مساهمة وفي الدفاع عن الإسلام جولات محمودة، ليصبح في هذا الكتاب حديث عن ستة من الصحابة الابرار رضوان الله عليهم أجمعين.
وقبل أن أختم مقدمتي هذه أحب أن أعود فأكرر ما قلته في مدخل الطبعة الأولى بأن الدائرة للاسلام على اعدائه، وان موعد النصر معقود بعودة المسلمين لدينهم، وقد كنت أوردت بعض الدلائل التي تشير إلى توجه المسلمين الى هذه العودة المنشودة، ويستطيع القارىء أن يعود إليها ليتأكد أنها اليوم أوضح منها عندما كتبت عنها قبل خمس سنين، وانها سوف تكون أشد وضوحا في المستقبل القريب ان شاء الله.
أسأل الله تعالى - جلت قدرته - أن يثيبني على ما كتبت، وان يغفر لي ان كنت زللت، والحمد لله اولا وآخرًا.
عمان: في الثامن عشر من ذي القعدة عام ١٤٠٤ هـ.
المؤلف
1 / 6
مدخل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
بوادر لبشائر:
نحن على أبواب القرن الخامس عشر الهجري. . .
ورسول الله ﷺ يقول: " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها " (١)
واعتمادًا على قول الهادي الأمين، فإن التفاؤل يملأ قلوبنا، ويحدونا أن نتطلع بيقين وشوق لمشرق جديد لأمة الإسلام.
وقد بدت لنا إرهاصات هذا المشرق مع قرب إطلالة هذا القرن الجديد. .
_________
(١) رواه أبو داوود وصححه الحاكم، ورواه البيهقي في المعرفة عن أبي هريرة مرفوعًا، قال الحافظ العرافي وغيره سنده صحيح، ولهذا أشار السيوطي لصحته في الجامع الصغير.
1 / 7
هناك حوادث نراها بقلب الإيمان إرهاصات، ويراها غيرنا نذر سوء. . فاشتداد الحملة على الإسلام والمسلمين نعدها من إرهاصات البعث الإسلامي الوشيك، ويراها غيرنا نذر سوء لا تبشر بخير ولا تبعث على الأمل. . ونرى، بحس المؤمنين، أن هذه الحملات الشرسة على الإسلام وأهله، ما كانت لتنبعث من أعداء الله بهذا العنف لولا شعورهم بضخامة الصحوة الإسلامية وبخطورتها عليهم.
فصحوة الإسلام اليوم، بما نراه من بعث إسلامي في جميع مناحي الحياة، جديرة بأن تدفعنا لمزيد من التيقظ، ومزيد من العمل في سبيل الله.
فالإسلام اليوم آخذ في وضع أقدامه بثبات في مجال الاقتصاد، وتجربة المصارف الاسلامية الناجحة علامة على هذا الطريق.
وبدأ الإسلام يبرز وجهه المشرق في الحياة الاجتماعية، فالطلاب في مدارسهم وجامعاتهم أخذوا يتجمعون حول شعائر الإسلام وأهدافه وغاياته، والأسر الكريمة بدأت تأخذ بتعليمات الإسلام في لباسها وحياتها اليومية. . .
وبدأ الإسلام مسيرته في مجال الصحافة المؤمنة، فانتشرت المجلات الإسلامية وأخذت تجاهر بمبادىء الإسلام، وتدعو لمثله، وتحض على تحكيمه في جميع مجالات الحياة.
1 / 8
وتحركت طلائع الأدب الإسلامي، شعره ونثره، وبدأ إنتاجه يملأ الأسواق، وبدأ تأثيره يؤتي أكله في أوساط المثقفين من شباب الإسلام. . .
والاسلام المجاهد بدأت صيحاته تدوي في جميع الأقطار، وبدأ رجاله يحملون أرواحهم فوق أكفهم ويقذفون بها في ساحات الوغى، دفاعًا عن الإسلام، وجهادًا في سبيل إعلاء كلمة الله في الأرض، لتكون الحاكمية لله وحده.
والجهاد بالسلاح لا بد أن يدعمه الجهاد بالكلمة، لأن الجهاد بالكلمه ينير أمام المجاهدين بالسلاح طريقهم ويوضح لهم أهدافهم.
عهد الضياع:
لقد مرت علينا أعوام حسب فيها كثير من أبناء المسلمين أن الفداء والقتال في ساحات الوغى مقصور على أعداء الإسلام، وأن الإبداع في مجال الحرب والنزال لا يكون إلا عند المشركين، وعندما حاول هؤلاء المخدوعون بهذه الأوهام أن يقاتلوا أخطأوا الطريق، إذ توهموا أن الانتصار لا يتحقق إلا إذا تشبهوا بأعداء الله، فسمعنا من سمى نفسه جيفارا وجياب وكاسترو، وسمعنا من تجمع
1 / 9
تحت راية لينين وماوتسي تونغ وكارل ماركس، ورأينا من قبل بقيادة ميشيل وجورج وأنطون، ثم رأينا من حمل عقائد العلمانية والاشتراكية والقومية، ونزل يقاتل بها يظن أنها تعينه في حياته وتنصره في قتاله.
ولاقت هذه الشعارات وتلك الأفكار هزائم متوالية، فبدلًا من أن تنصر الأمة على أعدائها أنزلت بها الهزيمة تلو الهزيمة والنكبة بعد النكبة، وألحقت بها العار تلو العار، حتى ظن الناس أن عدوهم لا يغلب وأن سلاحه لا يقهر.
جهود الدعاة:
وهب دعاة الإسلام في هذا الخضم المتلاطم من الهزائم والنكبات يتداركون الأمة ويوجهونها نحو الطريق القويم، طريق الجهاد في سبيل الله، الطريق الذي يؤدي -لا محالة -إلى النصر المبين، وهذا وعد رب العالمين.
ومع هذه الصحوة المباركة للجهاد الإسلامي لا بد لنا أن نضع المعالم الهادية في طريق أولئك الأحبة المجاهدين، وهذه المعالم يجب أن تستقى من المناهل العذبة، مناهل الإسلام والرسول والصحابة الأطهار.
هذا الكتاب:
وحتى يثمر جهاد المسلمين اليوم، كما أثمر من قبل
1 / 10
لا بد له أن يكون خالصًا من كل شائبة، متجردًا لله وحده، سالكًا سنن المجاهدين الأولين من صحابة رسول رب العالمين.
فكان هذا دافعنا لأن نؤلف هذا الكتاب، وذلك لنضع بين يدي رجال الإسلام نماذج للرجال الذين نذروا أنفسهم لله وضحوا في سبيله، فكانوا رمزًا للفداء، وحققوا بجهادهم كل الأماني التي تتطلع إليها الإنسانية، فقد حققوا الحاكمية لله في الأرض، وبها تحققت سعادة البشرية بتأمين العدالة المطلقة للناس أجمعين.
فكتابنا هذا " فدائيون من عصر الرسول " منارة هادية لمن أراد أن يسلك طريق الفداء الحق المؤدي إلى النصر المبين – بإذن الله –، وقد أوردنا فيه العمليات الفدائية التي قام بها ثلاثة من الصحابة الأبرار، وفصلناها، ثم رأينا أن نفصل كذلك حياة هؤلاء الأبطال من الميلاد إلى الموت، وسنرى أن حياتهم كلها فداء وجهاد في سبيل الله.
وحتى يكون هذا الكتاب مؤديًا ما قصدناه من وضعه على الوجه الأكمل، وضعنا فيما يلي موجزًا لعالم الفداء والقتال عند المجاهدين على عهد الرسول، وذلك بالحديث عن هذا الفداء بشعاراته ونداءاته وأراجيزه وألقاب أبطاله، حتى تعم الساحة الإسلامية المجاهدة الصبغة الإلهية، وحتى تنبذ كل الشوائب التي علقت بالأهداف والمثل عند المسلمين
1 / 11
أثناء الغفلة التي سادتهم لفترة طويلة خلال القرن الهجري الذي نودعه.
* * *
شعارات الحرب عند المسلمين:
كان للمسلمين شعاراتهم في المعارك الحربية التي خاضوا غمارها، وهي الكلمات التي يتعارفون بها أثناء احتدام القتال.
ففي معركة بدر كان شعار المسلمين: أحَد أحَد.
وفي معركة أحد كان شعارهم: أمِت أمِت.
وفي معركة الخندق كان شعارهم: " حم لا ينصرون " آية من كتاب الله.
وفي غزوة بني المصطلق وفي غزوة خيبر كان شعارهم: " يا منصور أمت أمت ".
ويوم الفتح الأكبر، فتح مكة، كان الجيش الإسلامي ثلاث فئات، لكل فئة شعارها، فالمهاجرون كانوا كتيبة، شعارها: يا بني عبد الرحمن.
والخزرج كتيبة، شعارها: يا بني عَبد الله.
والأوس كتيبة، شعارها: يا بني عُبيد الله.
1 / 12
هتافات المسلمين في الحروب:
وكان للمسلمين هتافاتهم المتميزة أثناء القتال:
ففي كل المعارك كان يسود الهتاف الخالد: " الله أكبر. . الله أكبر ".
وفي غوة خيبر هتف الرسول ﷺ متفائلًا عندما أطل الجيش الإسلامي على حصون خيبر: " الله أكبر خربت خيبر ".
وهتف علي بن أبي طالب – ﵁ – يحث المسلمين على القتال فقال: " يا كتيبة الإيمان ".
وهتف الرسول – ﵇ – في غزوة ذي قرد، يحث فرسان المسلمين على القتال فقال: " يا خيل الله اركبي " ثم أصبح هذا الهتاف متداولًا في كل المعارك التي تلت هذه الغزوة.
وكان المسلمون يهتفون وهم يباشرون تحصين المدينة بحفر الخندق في غزوة الأحزاب:
" نحن الذين بايعوا محمدا. . . على الجهاد ما بقينا أبدا "
وكان رسول الله ﷺ يجيبهم ويقول:
" اللهم إن الخير خير الآخرة. . . فارحم الأنصار والمهاجرة ".
فما أروع هذه الصورة وما أعظمها، المسلمون المجاهدون
1 / 13
يعلنون التفافهم حول رسول الله ويعلنون إخلاصهم وولاءهم له ويعلنون انهم سيستمرون في الجهاد إلى آخر لحظة من حياتهم، يعلنون هذا وهم يمارسون الجهاد، فيتبعون القول بالعمل الجاد المخلص، ورسول الله – صلوات الله وسلامه عليه – يعجبه منهم هذا الموقف العظيم ويروقه منهم هذا الاخلاص العميق، فيدعو الله لهم بالرحمة وبخير الآخرة، لأن خير الآخرة هو الخير، ومن ظفر به فقد فاز بحظ عظيم.
أما يوم الفتح الأكبر فقد ارتجت أرجاء مكة على هتاف المسلمين وراء رسول الله – ﵇ – وهو يتلو: " وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا ".
توديع المجاهدين واستقبالهم:
وكان للمسلمين عباراتهم الخاصة في توديع المجاهدين وفي استقبالهم:
فكان المسلمون يودعون الجيوش الغازية بقولهم: " صحبكم الله ودفع عنكم وردكم إلينا صالحين ".
وكان رسول الله ﷺ يعلم الجيوش الإسلامية أن تقول وهي عائدة من جهادها: " آيبون تائبون – إن شاء الله – لربنا حامدون ".
1 / 14
وعندما ودع الرسول – ﵇ – الجماعة الفدائية الذاهبة لقتل كعب بن الأشرف اليهودي قال لهم: " انطلقوا على اسم الله، اللهم أعنهم ".
وعندما عادت هذه الجماعة وقد أنجزت مهمتها بنجاح استقبلهم رسول الله بقوله: " أفلحت الوجوه "، ورد عليه الفدائيون المنتصرون: " أفلح وجهك يا رسول الله ".
وفي كل عملية فدائية ناجحة كان استقبال رسول الله للعائدين بهذه العبارة المشرقة: " أفلحت الوجوه "، وكان الرد دائمًا: " أفلح وجهك يا رسول الله ".
نعم، فما كانت هذه الوجوه لتفلح لولا رسول الله ودعوة التوحيد، ولن تفلح للمسلمين وجوه إلا بما أفلحت به على عهد رسول الله.
أراجيز القتال عند المسلمين:
وكان للمسلمين في معاركهم أراجيزهم الحماسية الدافقة التي تمتلىء إخلاصًا وتنفجر إيمانًا:
فهذا عمير بن الحمام ينطلق مقاتلًا يوم بدر وهو يرتجز:
ركضًا الى الله بغير زاد إلا التُّقى وعمل المعاد
1 / 15
وهذا أبو دجانة (١) ينطلق بسيف رسول الله إلى حومة الوغى يوم أحد وهو يرتجز:
أنا الذي بايعني خليلي ونحن بالسفح لدى النخيل
ألا أقوم الدهر في الكبول أضرب بسيف الله والرسول
وهذا جعفر بن أبي طالب يعقر فرسه ويندفع مقاتلًا يوم مؤتة وهو يرتجز:
يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وباردة شرابها
والروم روم قد دنا عذابها كافرة بعيدة أنسابها
وينزل عبد الله بن رواحة إلى قتال الروم بعد استشهاد جعفر وزيد وهو يرتجز:
يا نفس إلا تقتلي تموتي هذا حمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أعطيت إن تفلعي فعلهما هديت
ولكي ندرك عظمة أولئك المجاهدين وعظمة الأهداف
_________
(١) سماك بن خرشة الأنصاري، شهد بدرًا مع رسول الله، وعرض رسول الله سيفه يوم أحد وقال: من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقال أبو دجانة: أنا ". فما حقه يا رسول الله! قال: لا تقتل به مسلمًا، ولا تقر به من كافر، فأخذه ونزل إلى المعركة وهو يرتجز بهذين البيتين، استشهد باليمامة في حروب الردة.
1 / 16
التي ضحوا من أجلها علينا أن نعيد المقاطع التالية من الأراجيز السابقة، ونتمعن في معانيها مرة ومرة:
ركضًا إلى الله بغير زاد. . .
أضرب بسيف الله والرسول. . .
يا حبذا الجنة واقترابها. . .
يا نفس إلا تقتلي تموتي. . .
الألقاب الحربية للصحابة:
هذا الجهاد العظيم لصحابة رسول الله – رضوان الله عليهم – جعلهم يكتسبون ألقابًا حربية بقيت بعدهم مقترنة بأسمائهم، تشهد على جسامة ما قدموه من تضحية وفداء:
فجعفر بن أبي طالب: ذو الجناحين وجعفر الطيار.
وحمزة بن عبد المطلب: أسد الله وأسد رسوله.
وخالد بن الوليد: سيف الله المسلول.
والمنذر بن عمرو الساعدي: المعنق ليموت، سمي بذلك لإسراعه إلى الشهادة.
وحنظلة بن أبي عامر: غسيل الملائكة.
1 / 17
وعاصم بن ثابت (١): حمي الدّبر.
ومحمد بن مسلمة الأنصاري: فارس نبي الله.
وأبو قتادة بن ربعي الأنصاري: فارس رسول الله.
* * *
البشائر:
وبعد،
إن أعداء الله المتمثلين في اليهود والوثنيين والملحدين والنصارى والمنافقين من أتباعهم، حشدوا قواهم لحرب الإسلام وأهله، فعلى المسلمين أن يجاهدوهم بما علمهم الله ورسوله، وأن يعدوا للدفاع عن دينهم ما استطاعوا.
وعندما ننطلق في حرب أعدائنا من منطلقات الإسلام فإن وعد الله بالنصر آت لا محالة، وقد بشرتنا أحاديث رسول الله ﷺ بهذا النصر المبين.
_________
(١) قتل عاصم يوم أحد أخوين، فنذرت أمهما سلافة بنت سعد أن تشرب في قحف رأس عاصم الخمر، وجعلت لمن جاء برأسه مشة ناقة، وعندما غدرت بنو لحيان بصحابة رسول الله يوم الرجيع استشهد عاصم، وحاولت بنو لحيان أخذ رأسه إلى سلافة، فبعث الله الدبر فحمته، فسمي حمي الدبر، والدبر جماعة النحل والزنابير.
1 / 18
أما النصر على اليهود فقد وردت البشارة به في قوله ﵇: " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون، حتى يختبىء اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر: يا مسلم، يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود " (١)
أما البشرى العامة بسيادة الاسلام في كل بقاع الأرض فقد جاءت في قوله ﷺ: " إن أول دينكم نبوة ورحمة، وتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله ﷻ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، تكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله ﷻ، ثم تكون ملكًا عاضًا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعه الله ﷻ،، ثم يكون ملكًا جبريًا، فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعه الله ﷻ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة تعمل في الناس بسنة النبي، ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض، يرضى عنها ساكن السماء، وساكن الأرض، لا تدع السماء من مطر إلا صبته مدرارًا،
_________
(١) رواية الإمام مسلم نقلًا عن مشكلة المصابيح للتبريزي الحديث رقم ٥٤١٤، والغرقد شجيرة طولها من متر إلى ثلاثة، ساقها وفروعها بيض، تشبه الموسج في أوراقها اللحمية وفروعها الشائكة وأزهارها الطويلة العنق، عبقة الريح بيضاء مخضرة وثمرتها مخروطية.
1 / 19
ولا تدع الأرض من نباتها ولا بركاتها شيئًا إلا أخرجته " (١) .
اللهم عجل بزوال ما نحن فيه من حكم جبري حتى تنعم بالخلافة التي تسير على سنة نبيك.
اللهم إننا نعلم أن هذه الخلافة لا تأتي إلا بالعمل الخالص لوجهك الكريم، وبالجهاد في سبيلك، فوفقنا اللهم لذلك، إنك إن أردت فعلت، وأنت أرحم الراحمين.
اللهم اجعل عملنا هذا خالصًا لوجهك الكريم، وانفع به، والحمد لله أولًا وآخرًا.
المؤلف
الدوحة في ٢٢ شعبان ١٣٩٩ هـ.
_________
(١) حديث صحيح رواه الإمام أحمد والبزار والطيالسي، وقال الهيثمي: " ورجاله رجال الثقات " ورواه الطبراني في الأوسط من حديث حذيفة، وذكره الألباني في الأحاديث الصحيحة.
وألقى الإسلام بجرانه أي ثبت واستقر.
1 / 20
وكنت إذا هَمَّ النبي بكافر سبقت إليه باللسان وباليد
عبد الله بن أنيس
1 / 21
عبد الله بن أنيس
في مجتمع يثرب:
ماذا يفعل أطفال يثرب منذ أن تشرق شمسهم إلى أن تغيب؟
ما الذي يشغل فتيانها وشبابها على كرّ الليالي وتعاقب الأيام؟
بم يفكر رجال يثرب وشيوخها آناء الليل وأطراف النهار؟
لا أظن أن هناك ما يشغل الأطفال سوى مرحهم ولعبهم، وجريهم في أزقّة يثرب وبين نخيلها الذي يحيط بيوتها.
أما الفتية الشباب، فلهم من فتوّتهم وشبابهم ما يدفعهم إلى مغامرات متنوعة بين أترابهم من الفتيات، أو في
1 / 23