وقد اتفق كونتليان
Quintilian (35م) مع معاصره سنكا في الإعراب عن قلق المثقف الروماني على موسيقى عصره: «... فالموسيقى التي أود أن أراها تعلم ليست موسيقانا الحديثة، التي أفسدتها الألحان الحسية التي تشيع في مسرحنا المخنث، والتي قامت بدور غير قليل في القضاء على البقية الباقية من خشونتنا وصلابتنا. كلا، وإنما أشير إلى موسيقى القدماء، التي كانت تستخدم في الإشادة بذكر الشجعان، وكان يغنيها الشجعان أنفسهم. إنني لا أقبل شيئا من آلاتكم الهوائية أو الوترية التي لا تليق حتى بصبية وضيعة. وإنما أود أن تعطوني معرفة مبادئ الموسيقى، التي لها القدرة على إثارة انفعالات البشر أو تهدئتها.»
58
ولعل عملا من الأعمال الأدبية القديمة لم يصور تدهور الموسيقى اليونانية بمثل الوضوح الذي صورها به هوراس في «فن الشعر
Ars Poetica » فقد عاصر في حياته فترة من أهم فترات التاريخ؛ إذ إنه عندما ولد (عام 65ق.م.) لم يكن الصراع بين بومبي وقيصر حول السيطرة على الإمبراطورية الرومانية قد بدأ بعد، ولكنه عندما بلغ الحادية والعشرين كان النظام القديم قد انهار وحل محله النظام الجديد، وتحولت الجمهورية إلى ملكية، وبالفعل إن لم يكن بالاسم. وجر هذا التغيير في السياسة تغيرات في الفنون. وفي الفقرة الآتية من «فن الشعر» وصف دقيق لحالة الموسيقى في ظل حكم قيصر:
في يوم العيد الصاخب،
حين لم يجد الناس غضاضة. بدأ حفلهم وقت الظهيرة،
انطلقت الموسيقى من عقالها،
وتحرر الشعر من كل قيد،
فأي ذوق تنتظر من جمهور مختلط كهذا،
ناپیژندل شوی مخ