Novalis (1773-1801م) أن «الرياضة تبدو في الموسيقى ملهمة كالمثالية الخلاقة». وعرض «هوفمان» رأيا أشبه بمذهب وحدة الوجود، يقول فيه: «إن روح الموسيقى تتغلغل في الطبيعة كلها.» ثم طبق ميتافيزيقاه الشعرية على سمفونية بيتهوفن الخامسة (من مقام دو الصغير) فأضاف أن الموسيقى هي أكثر الفنون رومانتيكية إن لم تكن هي الفن الرومانتيكي الوحيد. ولم يكن الفلاسفة بأقل نزوعا إلى الصوفية؛ فقد عزا شلنج
Friedrich Schelling (1775-1854م) إلى الموسيقى صفات روحية، وقال رودلف لوتس
Rudolf Lotze (1817-1881م) إنه يستطيع أن يرى في الموسيقى حركات الكون، وإنها تميط اللثام عن أحداث الدراما الكونية. وكان هيجل قد ميز العصر الكلاسيكي من العصر الرومانتيكي بطريقة بسيطة، هي أن الموضوع في المذهب الكلاسيكي يسيطر على الشكل أو القالب، على حين أن الشكل أو القالب في الرومانتيكية هو الذي يستوعب الموضوع في داخله.
ولقد كان الموسيقي الرومانتيكي يعد نفسه ثوريا، ونبيا يدعو إلى عصر جديد في الفن يستطيع فيه أن يصلح حياة الإنسان. وكان يرى أن فلسفته الجمالية يمكن أن تحل محل الدين، وأن فنه قادر على أن يكون بديلا للأخلاق التقليدية الذليلة. وفي هذه الظروف ارتفعت الموسيقى، بين سائر الفنون، إلى مكانة لم تبلغها من قبل على الإطلاق؛ فقد أصبح الفن الموسيقي، ذلك الفن الذي وصفه شوبنهور بأنه تعبير عن الإرادة الكلية، لا مجرد صورة لها، يسود جميع الفنون الأخرى، وحاول الشعراء والمصورون إدخال عناصر موسيقية في الوسائط التي يستخدمها كل منهم. وقد لخص وولتر باتر
Walter Pater (1839-1894م) أهم خصائص الفلسفة الجمالية للعصر الرومانتيكي بقوله إن جميع الفنون ينبغي أن تسعى إلى تحقيق الأوضاع السائدة في الموسيقى؛ حيث يستوعب الشكل المضمون تماما.
ولقد كان المؤلف الموسيقي في القرن الثامن عشر، يعد صانعا محترفا يعمل في خدمة الدين أو تحت إمرة سيده. أما في القرن التاسع عشر فقد رفض الموسيقي مركز الصانع المحترف، وكان يكتب موسيقاه في ظل حرية شخصية قل أن يتمتع بها الفنانون في أي عهد. وقد طور الموسيقي فن السيمفونية، ووسع نطاق الأوبرا، بحيث أصبحت عرضا رائعا عبر عن وحدته في أغان فنية (ليدر) وعاطفية عميقة. وهدفنا في هذا القسم أن نوضح كيف عبر الموسيقيون الخلاقون في العصر الرومانتيكي عن أنفسهم من خلال الموسيقى؛ لذلك سنقدمهم حسب آرائهم الجمالية وقومياتهم.
بدأت الأوبرا الرومانتيكية في ألمانيا على يد كارل ماريا فون فيبر
Carl Maria Von Weber (1786-1826م) بالأوبرا الشعبية «در فرايشوتس
Der Freischutz » (1821م)، وقد ظهرت قبل «در فرايشوتس» أوبرا «أوندينه
Undine » لهوفمان وأبرا «فاوست
ناپیژندل شوی مخ