132

فيض القدير

فيض القدير شرح الجامع الصغير

خپرندوی

المكتبة التجارية الكبرى

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۳۵۶ ه.ق

د خپرونکي ځای

مصر

⦗١٧٤⦘ ٢١٧ - (أحب العباد إلى الله تعالى أنفعهم لعياله) أي لعيال الله بدليل خبر أبي يعلى " الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إليه أنفعهم لعياله " وخبر الطبراني " أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس " والمراد من يستطاع نفعه من الخلق الأهم فالأهم أو المراد عيال الإنسان أنفسهم الذين يمونهم وتلزمه نفقتهم والأول أقرب قال الماوردي ونظمه بعضهم فقال:
الناس كلهم عيا. . . ل الله تحت ظلاله
فأحبهم طرا إلي. . . هـ أبرهم بعياله
قال القاضي: ومحبة العبد لله تعالى إرادة طاعته والاعتناء بتحصيل فرائضه ومحبة الله تعالى للعبد إرادة إكرامه واستعماله في الطاعة وصونه عن المعصية وفي الحديث رد على من رفض الدنيا بالكلية من النساك وترك الناس وتخفى للعبادة محتجا بآية ﴿وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون﴾ وخفي عليه أن أعظم عبادة الله ما يكون نفعها عائدا لمصالح عباده (حكي) أن بعض الملوك اعتزل الناس وزهد في الدنيا فكتب إليه بعض الملوك قد اعتزلت لما نحن فيه فإن علمت أن ما اخترته أفضل فعرفنا لنذر ما نحن فيه ولا تحسبني أقبل منك ولا بلا حجة فكتب إليه أعلم أنا عبيد رب رحيم بعثنا إلى حرب عدوه وعرفنا أن القصد بذلك قهره والسلامة منه فلما قربوا من الزحف صاروا ثلاثة أثلاث متحرزا طلب السلامة فاعتزل واكتسب ترك الملامة وإن لم يكتسب المحمدة ومتهورا قدم إلى حرب العدو على غير بصيرة فجرحه العدو وقهره فاستجلب بذلك سخط ربه وشجاعا أقبل على بصيرة فقاتل واجتهد وأبلى فهو الفائز وأنا لما وجدتني ضعيفا رضيت بأدنى الهمتين وأدون المنزلتين فكن أنت أيها الملك من أفضل الطوائف تكن أكرمهم عند الله والسلام
(عبد الله) ابن الامام أحمد بن حنبل (في زوائد) كتاب الزهد لأبيه (عن الحسن مرسلا) بإسناد ضعيف لكن شواهده كبيرة وهو البصري أبو سعيد مولى زيد بن ثابت أو جميل بن قطبة أو غيرهما وأبوه يسار من سبي ميسان أعتقه الربيع بن النضر ولد زمن عمر وشهد الدار وهو ابن أربع عشرة سنة إمام كبير الشأن رفيع القدر رأس في العلم والعمل مات سنة عشر ومئة
٢١٨ - (أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا) بضمتين معنى حسن الخلق بذل المعروف وكف الأذى وطلاقة الوجه والتواضع وقد تضمن هذا الخبر عظيم الحث عليه حيث علق به حكم الأحبية إليه فحق لكل مسلم أن يرغب في ذلك كمال الرغبة وفيه رمز إلى أنه ممكن الاكتساب وإلا لاختص بما كان مطبوعا عليه فيفوت معنى الترغيب فيه ويصير حسرة على من لم يمكنه نعم أصله جبلي كما سيجيء تحقيقه وعبر بصيغة أفعل وهو ما اشتق من فعل الموصوف بزيادة على غيره دفعا لتوهم حرمان من طبع على ذلك بل أشعر بأنهم كلهم محبوبون لكن من تكلفه بقهر النفس ومجاهدتها حتى صار أحسن خلقا أحب إليه من أولئك
(طب عن أسامة) بضم الهمزة (ابن شريك) الذبياني صحابي روى عنه زياد ابن علاقة وغيره قال أسامة كنا جلوسا عند رسول الله ﷺ كأنما على رؤوسنا الطير ما يتكلم منا متكلم إذ جاءه أناس فقالوا من أحب عباد الله إلى الله فذكره قال المنذري رواته محتج بهم في الصحيح انتهى وبه يعرف أن رمز المؤلف لحسنه تقصير وإنما كان الأولى أن يرمز لصحته
٢١٩ - (أحب بيوتكم) أي أهل بيوتكم أيها المسلمون من مجاز وصف المحل بصفة ما يقع فيه (إلى الله بيت فيه يتيم) أي طفل مات أبوه فانفرد عنه (مكرم) بالبناء للمفعول أي بالإحسان إليه وعدم إهانته ونحو ذلك فأراد بمحبة البيوت محبة ما يقع فيها من إكرام الأيتام وفيه حث على إكرام الأيتام وتحذير من إهانتهم وإذلالهم من غير موجب قال ⦗١٧٥⦘ ابن الكمال أخذا من الزمخشري واليتيم في عرف الشرع مختص بمن لم يبلغ واحتاج إلى كافل وبالبلوغ يزول ذلك انتهى وأقول سياق الخبر هنا يدل على أن المراد الصغير المحتاج لفقد من كان يقوم بكفالته وما يحتاجه من نحو نفقة وكسوة ذكرا كان أو أنثى حتى لو فرض أن الذي كان هو القائم به أمه دون أبيه لنحو غيبة وانقطاع خبره أو فقره أو حبسه ونحو ذلك فيدخل في ذلك وإن كان تصرف الفقهاء يأباه
(هب) وكذا الطبراني والأصبهاني (عن عمر) بن الخطاب ثم قال أعني البيهقي تفرد به إبراهيم بن إسحاق الضبي عن مالك انتهى وإبراهيم أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال في الميزان له أوابد وعد منها هذه وقال العقيلي حديث لا أصل له انتهى وضعفه المنذري وقال الهيتمي فيه إسحاق بن إبراهيم الضبي وكان ممن يخطئ لكن يشهد له خبر ابن ماجه " خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيت في المسلمين فيه اليتيم يساء إليه "

1 / 174