129

فيض القدير

فيض القدير شرح الجامع الصغير

خپرندوی

المكتبة التجارية الكبرى

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۳۵۶ ه.ق

د خپرونکي ځای

مصر

٢١٠ - (أحب الجهاد إلى الله كلمة حق) أي موافق للواقع بحسب ما يجب وبقدر ما يجب في الوقت الذي يجب والحق يقال لأوجه هذا أنسبها هنا ذكره الراغب وكلمة حق تجوز بالإضافة وبغيرها (تقال لإمام) سلطان (جائر) ظالم لأن من جاهد العدو فقد تردد بين رجاء وخوف وصاحب السلطان إذا قال الحق وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فقد تعرض للهلاك واستيقنه فهو أفضل والمراد أن أفضل أنواع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا فلا حاجة لتقدير من
(حم طب عن أبي أمامة) قال: عرض للنبي ﷺ رجل عند الجمرة وقد وضع رجله في الغرز فقال: أي الجهاد أفضل يا رسول الله فسكت ثم ذكره رمز المصنف لحسنه ورواه النسائي عن جابر بلفظ أفضل وإسناده صحيح
٢١١ - (أحب الحديث إلي) بتشديد الياء بضبط المؤلف هكذا رأيته بخطه وهي ياء النسبة (أصدقه) أفعل تفضيل بتقدير من أو بمعنى فاعل والصدق مطابقة الخبر للواقع والكذب عدمها وفي رواية أحب الحديث إلى الله أصدقه وعليها ففيه دلالة على أفضلية القرآن على غيره ﴿ومن أصدق من الله حديثا﴾ وهذا قاله حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يرد أموالهم وسبيهم إليهم فقال: معي من ترون وأحب الحديث إلى الله أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال وكنت استأنيت بكم أي انتظرت وكان انتظرهم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف فاختاروا السبي فأعطاهم إياه
(حم خ عن المسور) بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الواو مخففة وراء مهملة (ابن مخرمة) بفتح الميمين بينهما معجمة ساكنة ابن نوفل بن أهيب الزهري صحابي صغير فقيه عالم متدين قتل في فتنة ابن الزبير أصابه حجر المنجنيق وهو قائم يصلي في الحجر وله عن عمر وخاله عبد الرحمن بن عوف (ومروان) بن الحكم الأموي (معا) ولد سنة اثنين أو يوم أحد أو يوم الخندق أو غيرها قال في الكاشف ولم يصح له سماع وفي أسد الغابة أنه لم ير النبي ﷺ لأنه خرج إلى الطائف طفلا لا يعقل لما نفى رسول الله ﷺ أباه الحكم بايعه بعض أهل الشام بالخلافة لما مات معاوية بن يزيد فأقام تسعة أشهر ثم هلك
٢١٢ - (أحب الصيام) المتطوع به (إلى الله) تعالى أي أكثر ما يكون محبوبا إليه والمراد إرادة الخير بفاعله (صيام) نبي الله (داود) وبين وجه الأحبية بقوله (كان يصوم يوما ويفطر يوما) فهو أفضل من صوم الدهر لأنه أشق على النفس بمصادفة مألوفها يوما ومفارقته يوما. قال الغزالي: وسره أن من صام الدهر صار الصوم له عادة فلا يحس وقعه في نفسه بالانكسار وفي قلبه بالصفاء وفي شهواته بالضعف فإن النفس إنما تتأثر بما يرد عليها لا بما تمرنت عليه. ألا ترى أن الأطباء نهوا عن اعتياد شرب الدواء وقالوا من تعوده لم ينتفع به إذا مرض لألف مزاجه له فلا يتأثر به وطب القلوب قريب من طب الأبدان انتهى وهذا أوضح في البيان وأبلغ في البرهان من قول من قال صوم الدهر قد يفوت بعض الحقوق وقد لا يشق باعتياده وعليه فالمراد حقيقة اليوم وقال أبو شامة يصوم وقتا ويفطر وقتا أي لا يديم الصيام خوف ⦗١٧٢⦘ الضعف عن الجهاد قال وقد جمعت الأيام التي ورد فيها الأخبار أن نبينا ﷺ كان يصومها فقاربت أن تكون شطر الدهر فهو بمثابة صوم داود. قال ابن المنير: كان داود يقسم ليله ونهاره لحق ربه وحق نفسه فأما الليل فاستقام له ذلك في ليله وأما النهار فيتعذر تجزئته لعدم تبعيض الصيام فنزل صوم يوم وفطر يوم بمنزلة التجزئة في شقص اليوم (وأحب الصلاة) من الليل المطلق (إلى الله صلاة داود كان ينام نصف) وفي رواية كان يرقد شطر (الليل) إعانة على قيام البقية المشار إليه بآية ﴿جعل لكم الليل لتسكنوا فيه﴾ (ويقوم ثلثه) من أول النصف الثاني لكونه وقت التجلي وهو أعظم أوقات العبادة وأفضل ساعات الليل والنهار (وينام سدسه) الأخير ليريح نفسه ويستقبل الصبح وأذكار النهار بنشاط ولا يخفى ما في ذلك من الأخذ بالأرفق على النفس التي يخشى سآمتها المؤدية لترك العبادة والله يحب أن يوالي فضله ويديم إحسانه وفي رواية ثم مكان الواو وهي تفيد الترتيب ففيه رد على من زعم حصول السنة بنوم السدس الأول مثلا وقيام الثلث ونوم النصف الأخير ثم إنه لا تعارض هذه الأحبية قاعدة أن زيادة العمل تقتضي زيادة الفضيلة لأن القاعدة أغلبية كما بينته الشافعية ولا يكره على الأصح عندهم صوم الدهر لمن لا يضره ويكره قيام كل الليل ولو لمن لا يضره وقول المحب الطبري لا يكره كيف وقد عد من مناقب أئمة منع بأن أولئك مجتهدون سيما وساعدهم الزمان والخلان والفرق بين الصلاة والصوم أن الصائم يستوفي ما فاته والمصلي إن نام نهارا تعطلت مصالحه <تنبيه> قال ابن المنير هذا في حق الأمة لا المصطفى ﷺ فقد أمره الله بقيام أكثر الليل في قوله تعالى ﴿قم الليل إلا قليلا﴾ وعورض بنسخه وبما صح أنه لم يكن يجري على وتيرة واحدة
(حم ق د ن هـ عن) عبد الله (بن عمرو) بن العاص كان يسرد الصيام والقيام فقال له المصطفى ﷺ إن لجسدك عليك حقا ثم ذكره

1 / 171