د آشوب نظریه: یوه لنډه مقدمه
نظرية الفوضى: مقدمة قصيرة جدا
ژانرونه
لحسن الحظ، جرى تجاهل نتيجة الحاسوب. كان أحد مسئولي تعديل التوقعات الجوية في نوبة عمل وأدرك القيمة الهائلة في هذه الأرصاد، وكان عمل المسئول يتمثل في التدخل عندما يقدم الحاسوب نتائج غير منطقية تماما، وهو الأمر الذي يتكرر كثيرا. وقد قام المسئول في هذه الحالة بالتحايل على الحاسوب لقبول الأرصاد. يعتبر اتخاذ مثل هذا الإجراء مسألة تقديرية؛ إذ لم يكن ثمة سبيل آنذاك لمعرفة أي إجراء يمكن أن يفضي إلى توقع أفضل، وجرى «التحايل» على الحاسوب، واستخدمت الأرصاد، ونتج عن ذلك أن صدر توقع بهبوب العاصفة، وأنقذ الكثير من الأرواح.
ثمة رسالتان مهمتان يمكن تحصيلهما هنا؛ الرسالة الأولى هي أنه في حال كانت نماذجنا فوضوية، فإن التغيرات الصغيرة في أرصادنا قد يكون لها تأثير كبير على جودة توقعاتنا؛ فالمحاسب الذي يسعى إلى التقليل من النفقات، وحساب الفائدة النموذجية المتحققة من إحدى الأرصاد، تحديدا التي جمعت من أي محطة رصد لحالة طقس محددة؛ سيميل إلى التقليل على نحو هائل من قيمة تقرير مستقبلي أصدرته إحدى تلك المحطات التي يجري الرصد فيها في الموضع الصحيح وفي التوقيت الصحيح، مثلما سيقلل من قيمة عمل مسئول تعديل التوقعات، الذي لا يوجد لديه ما يفعله عادة، بالمعنى الحرفي للكلمة. تتمثل الرسالة الثانية في أن توقع عاصفة يوم ميلاد بيرنز يشير إلى شيء مختلف قليلا عن تأثير الفراشة. تتيح لنا النماذج الرياضية أن نفكر فيما سيأتي به المستقبل الحقيقي، «ليس» من خلال أخذ العوالم المحتملة في الاعتبار، التي ربما لا يوجد منها إلا عالم واحد، بل من خلال مقارنة نماذج محاكاة مختلفة للنموذج المستخدم لدينا، التي ربما يتوافر منها أعداد بقدر ما يتاح لنا. مثلما قد يدرك بيرنز، يقدم لنا العلم طرقا جديدة للتكهن ويطرح لنا أشياء جديدة نخشاها. يعقد تأثير الفراشة مقارنة بين عالمين مختلفين؛ عالم يتضمن مسمارا وعالم آخر دونه. يضع «أثر بيرنز» كل التركيز علينا وعلى محاولاتنا لاتخاذ قرارات عقلانية في العالم الواقعي، باستخدام مجموعات من نماذج محاكاة مختلفة في ظل نماذج غير كاملة متنوعة، ويعد الإخفاق في التمييز بين الواقع ونماذجنا، وبين الملاحظات والرياضيات، وبين الحقائق التجريبية والخيال العلمي؛ هو السبب الجذري في معظم الحيرة حيال الفوضى التي يسببها العامة أو تحدث بين العلماء. لقد كان إجراء بحوث حول اللاخطية والفوضى هو ما أوضح مرة أخرى مدى أهمية هذا التمييز، وسوف نعود في الفصل العاشر لنلقي نظرة أعمق على كيفية استفادة مسئولي توقعات الطقس في يومنا هذا بالاستبصارات المستقاة من فهمهم للفوضى عند توقعهم لهذه العاصفة.
مررنا مرورا سريعا الآن على السمات الثلاث الموجودة في النظم الرياضية الفوضوية؛ فالنظم الفوضوية تتميز بأنها لا خطية، وحتمية، وغير مستقرة من حيث إنها تظهر حساسية تجاه الشرط المبدئي. في الفصول التالية سنعمل على التركيز على هذه السمات أكثر، بيد أن مجال اهتماماتنا الحقيقي لا يكمن في الفوضى الرياضية فحسب، بل فيما تستطيع أن تخبرنا به عن العالم الواقعي.
الفوضى والعالم الواقعي: القابلية للتوقع وشيطان القرن الحادي والعشرين
لا يوجد خطأ أكبر في العلم من الاعتقاد بأن مجرد إجراء عملية رياضية ما سيجعل ظاهرة ما في الطبيعة مؤكدة.
ألفريد نورث وايتهيد (1953)
ما هي التداعيات التي تنطوي عليها الفوضى في حياتنا اليومية؟ تؤثر الفوضى على طرق ووسائل توقع حالة الطقس، وهو ما يؤثر علينا مباشرة من خلال الطقس، وبطريقة غير مباشرة من خلال الآثار الاقتصادية المترتبة على كل من الطقس والتوقعات نفسها. كما تلعب الفوضى أيضا دورا في مسائل التغير المناخي، وفي قدرتنا على توقع قوة ظاهرة الاحترار العالمي وآثارها. وبينما ثمة أشياء أخرى كثيرة نتوقعها، يمكن الاستعانة بالطقس والمناخ لتمثيل عمليتي: التوقع القصير الأجل والنمذجة الطويلة المدى، على التوالي. سيصبح سؤال من قبيل «متى يحدث الكسوف الشمسي القادم؟» في علم الفلك سؤالا يشبه أسئلة الطقس، بينما سؤال من قبيل «هل النظام الشمسي مستقر؟» يشبه أسئلة الوضع المناخي. في مجال التمويل، يعتبر سؤال حول أفضل وقت لشراء 100 سهم من مجموعة أسهم محددة سؤالا يشبه سؤالا حول حالة الطقس، بينما سؤال حول ما إذا كان الاستثمار في سوق الأسهم أفضل أم في المجال العقاري يشبه سؤالا حول الوضع المناخي.
للفوضى أيضا أثر كبير على العلوم، من خلال فرض إعادة النظر مليا فيما يعنيه العلماء بكلمتي «خطأ» و«عدم اليقين»، وفي كيفية تغير هذه المعاني عند تطبيقها على عالمنا ونماذجنا. مثلما أشار وايتهيد، فمن الخطورة بمكان تفسير نماذجنا الرياضية كما لو كانت تتحكم في العالم الواقعي بطريقة ما. ومن المثير للجدل أن أكثر تأثيرات الفوضى إثارة للاهتمام ليست جديدة في حقيقة الأمر، بيد أن التطورات الرياضية في الخمسين عاما الأخيرة سلطت الضوء من جديد على الكثير من المسائل القديمة. على سبيل المثال، ما هو أثر عدم اليقين على تجسيد شيطان لابلاس في القرن الحادي والعشرين، الذي لم يتمكن من الفكاك من التشويش الذي تتعرض له الملاحظات؟
تصور وجود كيان ذكي يعرف جميع قوانين الطبيعة بدقة، وتتوافر لديه ملاحظات جيدة - لكنها غير كاملة - عن نظام فوضوي معزول خلال فترة طويلة اعتباطيا. فلا يستطيع هذا الكيان - حتى إذا كان كبيرا بما يكفي لإخضاع جميع هذه البيانات لتحليل حسابي دقيق - تحديد الحالة الراهنة للنظام؛ ومن ثم سيظل الحاضر، فضلا عن المستقبل، غير يقيني في نظر هذا الكيان الذكي. وبينما لا يستطيع هذا الكيان توقع المستقبل على نحو دقيق، لن ينطوي المستقبل على أي مفاجآت حقيقية له؛ إذ سيرى ما يمكن وما لا يمكن أن يحدث، وسيكون على علم باحتمالية وقوع أي حدث مستقبلي؛ إنها قابلية لتوقع العالم الذي يستطيع أن يراه. وسيترجم عدم اليقين في الحاضر إلى عدم يقين في المستقبل مقاس كميا جيدا، إذا كان نموذج الكيان الذكي كاملا.
في سلسلة محاضرات جيفورد في عام 1927، أصاب السير آرثر إدنجتون كبد مسألة الفوضى؛ فبعض الأشياء بسيطة لدرجة أنها لا تحتاج إلى توقع، خاصة إذا كانت تتعلق بالرياضيات نفسها، بينما تبدو أشياء أخرى قابلة للتوقع، أحيانا. يقول في هذا الشأن:
ناپیژندل شوی مخ