وهو فِعل كما سبق بيانه) فلا يَخْلُو إمَّا أنْ يَكُون مع الجَزْم (أَيْ ليس مُجَوزًا فيه مُخالِفُه (^١)، أَيْ لَمْ تَقُم على [ذاك] (^٢) قرينةٌ) أَوْ لَا مع الجزم.
فالأول: "الإيجاب"، وهو مَصْدر أَوْجَب يُوجِب. ومعنى "الوجوب" لُغَةً: السقوط، (نحو: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ [الحج: ٣٦])، والثبوت (ومنه: "نسألك مُوجِبات رحمتك" (^٣) أَيْ: مُثْبِتات)؛ فَعُلِمَ أنَّ "الإيجاب" هو الطَّلَب القائم بالنفْس على الوجه المذكور. و"الواجب" هو مُتَعَلَّق الإيجاب مِن الفعل كما سيأتي، فإنَّه لَمَّا أَوْجَبَه، وَجَبَ وجوبًا؛ فهو واجب، فتسمية الحكم "وجوبًا" مجاز، وإنما هو إيجاب.
والثاني: "الندب" وهو لُغَةً: الطَّلَب، ومنه حديث: "انتدَب الله لمن يَخرج في سبيله" (^٤). أَيْ: أجاب له طَلب مغفرة ذنوبه. يُقال: ندبتُه فانتدب. ويُطلق أيضًا على التأثير، ومنه حديث موسى ﵇: "وإنَّ بالحَجَر ندَبًا ستة أو سبعة مِن ضربه إياه" (^٥). وهو بفتح الدال، وأَصْلُه أَثَرُ الجرح.
- وإنْ كان لِتَرك شيء (أَيْ: لإعدام حقيقته وكَفِّ النفْس عن إيجاده) فإمَّا أنْ يكون مع الجَزْم أَوْ لَا.
(^١) أو: مخالَفة.
(^٢) في (ش): ذلك.
(^٣) سنن الترمذي (رقم: ٤٧٩)، سنن ابن ماجه (رقم: ١٣٨٤) كلاهما بلفظ: (أسألك موجبات رحمتك). قال الألباني: ضعيف جدًّا. (السلسلة الضعيفة: ٢٩٠٨)، وانظر: (السلسلة الصحيحة: ٣٢٢٨).
(^٤) صحيح البخاري (رقم: ٣٦).
(^٥) صحيح البخاري (٢٧٤)، صحيح مسلم (٣٣٩).