وقال الحاكم: (صحيح على شرط مسلم). وقال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في "الإمام": إنه أَقْوَى إسنادًا مِن رواية عَلِي.
وفي التعبير بِالْـ "رَفْع" تأويلان:
أحدهما: أنه على حقيقته في كَوْنه يستدعِي سَبْق وَضْعٍ، وهو في الصبي المُمَيِّز كذلك، فَقَدْ قال البيهقي: (إنَّ الأحكام إنما نِيطَت بِخَمْس عشرة سَنَة مِن عام الخندق، وإنما كانت قَبْل ذلك تتعلق بالتمييز). انتهى؛ ولذلك صَحَّ إسلام عَلِيٍّ ﵁ في الصِّبَا؛ لأنه قَبْل رَفْع القَلَم.
وغلب في الباقي مَجَازًا.
الثاني: أنَّ المرادَ بالرفعِ نَفْيُ وَضْعه أصلًا، كما أطْلق الإخراج في قوله تعالى: ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: ٢٥٧] على عَدَم دخولهم في الظلمات بالكُلية، ولا خِلَاف في مَنعْ تكليف الغافل إلَّا ما خرج مِن مسألة التكليف بالمُحال كما أشار إليه البيضاوي حيث قال: (بِناءً على التكليف بالمحال) (^١). أَيْ: فإنْ منعناه فَهُنَا أَوْلَى، وإنْ جَوَّزْنَاه فللأشعري قولان هنا نقلهما ابن التلمساني وغَيْرُه. نَعَم، في "الأوسط" لابن برهان عن الفقهاء (خِلَافًا للمتكلمين) أنه يصح تكليف الغافل - عَلَى معنى ثبوت الفعل في الذمة.
قلتُ: وَيشْهَدُ له قولهم في المرتد إذَا جُنَّ: يَقْضِي العبادات الفائتة في زَمَنِ الجنون الواقع [في] (^٢) الرِّدَّة. ولو قُلْنَا: القضاء بِأَمرٍ جديد، فسيأتي بيان المراد بذلك.
وقولي: (خِطَابُهُ خِطَابُ وَضْعٍ) أَيْ: الغافل يتعلِّق به خطابُ الوضع مِن سببٍ وشَرْطٍ
(^١) عبارة البيضاوي في كتابه "منهاج الوصول، ١٤٢" بتحقيقي: (لا يُجَوِّزُ تكليفَ الغافِلِ مَن أَحَال تكليفَ المُحَال).
(^٢) كذا في (ص، ض، ظ)، لكن في (ز): في زمن.