الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات
تأليف
عثمان بن عبد اللَّه بن جامع الحنبلي
. . . - ١٢٤٠ هـ
تحقيق
الدكتور عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم
الجزء الأول
المقدمة / 1
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
المقدمة / 2
الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات
١
المقدمة / 3
بسم اللَّه الرحمن الرحيم
غاية في كلمة
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
جميع الحقوق محفوظة للناشر
الطبعة الأولى
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
جميع الحقوق محفوظة ٢٠٠٣ م. لا يُسمح بإعادة نشر هذا الكتاب أو أي جزء منه بأي شكل من الأشكال أو حفظه ونسخه في أي نظام ميكانيكي أو إلكتروني يمكِّن من استرجاع الكتاب أو أي جزء منه. ولا يسمح باقتباس أي جزء من الكتاب أو ترجمته إلى أي لغة أخرى دون الحصول على إذن مسبق من الناشر.
المقدمة / 4
مقدمة:
إن الحمد للَّه نحمده ونستعيه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده اللَّه فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى اللَّه عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعد
فقد يسر اللَّه تعالى لي، ولأخي الشيخ الدكتور عبد اللَّه بن محمد البشر، الانتهاء من تحقيق كتاب: "الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات" لمؤلفه الشيخ عثمان بن عبد اللَّه بن جامع الحنبلي، وذلك لنيل درجة الدكتوراة في الفقه المقارن، من المعهد العالي للقضاء التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد حظينا في هذا العمل بإشراف صاحب الفضيلة الشيخ العلامة عبد العزيز ابن عبد اللَّه آل الشيخ -مفتي عام المملكة العربية السعودية- حفظه اللَّه ونفع بعلومه.
وقد كان نصيبي من تحقيق هذا الكتاب: قسمه الأول، من أوله إلى آخر باب الهبة. وأكمل أخي الشيخ الدكتور عبد اللَّه البشر الكتاب إلى آخره.
ورغبة منا في عموم نفع الكتاب، أقدمنا على طباعته، مع مراعاة حذف لبعض التعليقات، وتصحيح لبعض الأخطاء.
وسأقتصر في هذه المقدمة على الحديث عن المؤلِّفِ ومؤلَّفِه.
أسأل اللَّه أن ينفع بهذا الكتاب، وأن يجزي مؤلفه ومحققيه خير الجزاء. وصلى اللَّه وسلم على نبينا محمد.
المقدمة / 3
الفصل الأول: مؤلف الكتاب، وفيه عشرة مباحث:
المبحث الأول: اسمه ونسبه ومولده.
المبحث الثاني: نشأته وطلبه للعلم.
المبحث الثالث: أهم أعماله.
المبحث الرابع: صفاته.
المبحث الخامس: عقيدته ومذهبه.
المبحث السادس: وفاته ورثاء الناس له.
المبحث السابع: شيوخه.
المبحث الثامن: تلاميذه.
المبحث التاسع: مكانته العلمية. وفيه مطلبان:
المطلب الأول: الجوانب العلمية.
المطلب الثاني: وصفه من حيث التقليد والاجتهاد.
المبحث العاشر: مؤلفاته عامة ومنهجه فيها.
المقدمة / 5
المبحث الأول اسمه، ونسبه، ومولده
هو عثمان بن عبد اللَّه بن جمعة بن جامع بن عبد ربه، الأنصاري، الخزرجي.
وعبد ربه هذا، عُرفَ باسم: عُبَيْد.
وأصل هذه الأسرة من المدينة المنورة، قدِمَ جَدُّهم: جامع بن عبد ربه هو وأخوه من المدينة إلى بلدة القصب من إقليم نجد، ثم انتقلا من القصب إلى بلدة جلاجل، وفيها وُلد ابنه: جمعه، فلما كبر جمعة رحل إلى الشام لطلب العلم، فطلب حتى أصبح عالمًا، وهو: جدُّ المؤلف الشيخ عثمان (١).
أما عن مولده، فلم أر من ذكر تاريخ ولادته، ولا مكانها، وأظنها في "الأحساء" حيث هو معدود في أهلها، على ما سيأتي.
المبحث الثاني نشأته، وطلبه للعلم
أسرة آل جامع أسرة عِلم، حيث فيها علماء كثر: فجدُّهم جمعة من العلماء الذين رحلوا إلى الشام من نجد للاستفادة، وقد رافقه في هذه الرحلة ابن عم له هو: عبد الرحمن للغرض نفسه (٢).
كان لهذه الأسرة أثر كبير على تَدَيُّن الشيخ عثمان وحبه للعلم.
_________
(١) أفاد ذلك الشيخ المؤرخ إبراهيم بن عيسى، فيما نقله عنه الشيخ عبد اللَّه البسام في كتابه الجليل "علماء نجد خلال ثمانية قرون" (٥/ ١٠٩).
(٢) أفاد ذلك الشيخ إبراهيم بن عيسى، فيما نقله عنه ابن بسام في "علماء نجد في ثمانية قرون" (٥/ ١٠٩).
المقدمة / 7
ولم تحدثنا مصادر ترجمته عن بداية نشأته.
إلا أنه أخذ العلم في مدينة الأحساء عن علمائها الكبار، الشيخ محمد بن فيروز (١)، وأبيه الشيخ عبد اللَّه بن فيروز، لازم الأول ملازمة تامة، حتى تخرج على يديه، وعرف بالتتلمذ عليه، بل أجازه شيخه إجازة مدح تحصيله فيها، وأثنى على فهمه وإدراكه، حيث قال فيها:
(وقرأ على الوالد قليلًا من "مختصر المقنع" ثم اشتغل على يد الفقير في الفقه، والفرائض، والعربية، ففتح اللَّه عليه، وأدرك إدراكًا تامًا، مع حسن السيرة، والورع، والعفاف، والكرم، والعبادة، والصلاح. . .) اهـ (٢)
كما أنه رحل رحلات لطلب العلم:
فقد رحل إلى مكة المكرمة، والمدينة المنورة، حيث درس فيهما على العلماء: الفقه، والمواريث، والحساب، والأدب (٣).
كما سافر إلى الشام، وحلب (٤).
المبحث الثالث أهم أعماله
١ - القضاء:
تولى القضاء في البحرين، وفي الزبير. أما قضاؤه في البحرين فقد باشره سنين عديدة، إلى أن توفي بها، سنة ١٢٤٠ هـ. ولم يذكر من ترجمه متى كان ذهابه إلى البحرين. لكن وقفت على وثيقة وقف وثقها هو، مهرها بخاتمه، في ٢٧ ربيع الأول سنة ١٢٣٦ هـ. جاء فيها:
(حرره عثمان بن عبد اللَّه بن جامع الحنبلي، القاضي في محروسة
_________
(١) "السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة" (لابن حميد ٢/ ٧٠٢).
(٢) نقلها الشيخ ابن بسام في "علماء نجد" (٥/ ١١٠).
(٣) "سبائك العسجد" (ص ٦٠) وينظر: "إمارة الزبير بين هجرتين" (٣/ ٦٩).
(٤) المصدر السابق.
المقدمة / 8
البحرين عفا اللَّه عنه وعن جميع المسلمين بمنه وكرمه. حرر في ٢٧ ربيع ١ سنة ١٢٣٦) (١).
وقد نص المترجمون للمؤلف على أن توليه قضاء البحرين كان بطلب من أهلها، وجهوه إلى شيخه ابن فيروز، فأرسله إليهم.
قال ابن حميد (٢):
ثم طلبه أهل البحرين من شيخه المذكور، ليكون قاضيًا لهم، ومفتيًا، ومدرسًا، فأرسله إليهم، فباشره سنين عديدة، بحسن السيرة، والورع والعفة والديانة والصيانة، وأحبه عامتهم وخاصتهم. اهـ
أما قضاؤه في الزبير، فقد أشار إليه عثمان بن سند في كتابه "سبائك العسجد" (٣) فقال: سكن الزبير وتولى القضاء فيه. اهـ
فلعل ذلك كان قبل توليه قضاء البحرين.
٢ - الإفتاء، والتدريس:
أثبت ذلك ابن حميد في "السحب الوابلة" (٤) وقد باشر ذلك في البحرين.
٣ - الإمامة والخطابة:
تولى الإمامة والخطابة في مسجد "النجادى" بالزبير. وقام بهذه الوظيفة خير قيام (٥).
_________
(١) صور هذه الوثيقة الدكتور عبد اللَّه السبيعي في كتابه "القضاء والأوقاف في الأحساء والقطيف وقطر أثناء الحكم العثماني الثاني" (ص ١٨٧).
(٢) في "السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة" (٢/ ٧٠٢). وينظر: "روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين" للقاضي (٢/ ٢٠٨).
(٣) "سبائك العسجد في أخبار أحمد نجل رزق الأرشد" (ص ٦٠).
(٤) "السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة" (٢/ ٧٠٢). وينظر: "إمارة الزبير بين هجرتين" (٣/ ٦٨، ٦٩).
(٥) "تاريخ الزبير" نقلًا عن "علماء نجد خلال ثمانية قرون" (٥/ ١١٢).
المقدمة / 9
وجامع "النجادى" لا يتولى إمامته وخطابته إلا من تولى القضاء والإفتاء وتدريس علوم الشريعة (١).
المبحث الرابع صفاته
أما صفاته الخَلْقيَّه: فلم أقف على من ذكرها من مترجميه.
أما صفاته الأخرى:
فإن اجتهاده في العبادة صفة تستوقف من ترجمه، مما يعني أن الرجل كان مجتهدًا في الطاعة، حريصًا على كثرة العبادة، ولما مدحه عثمان بن سند في ترجمته، قال فيه شعرًا منه:
إذا قرأ القرآن سالت دموعه ... ولاح على الخدين منه خشوعه
إذا اسودَّ جنح الليل قام مصليًا ... وقعقع من خوف الإله ضلوعه (٢)
كما وصفه شيخه الشيخ محمد بن فيروز في إجازته له، فقال:
وأدرك إدراكًا تامًّا، مع حسن السيرة، والورع، والعفاف، والكرم، والعبادة، والصلاح. اهـ (٣).
وقال ابن حميد (٤) في ترجمته:
الفقيه، النبيه، الورع، الصالح. اهـ
ووصفه عثمان بن سند في "سبائك العسجد" (٥) بأنه تصدر في السادة
_________
(١) "إمارة الزبير بين هجرتين" (٣/ ٢٣).
(٢) "سبائك العسجد" (ص ٦٠).
(٣) نقله في "علماء نجد خلال ثمانية قرون" (٥/ ١١٠).
(٤) "السحب الوابلة" (٢/ ٧٠١).
(٥) (ص ٦٠).
المقدمة / 10
الحنبلية، وفاق مشايخه بلا ارتياب. اهـ
كما أن المؤلف شاعر، شعره شعر الفقهاء، وبينه وبين الشاعر المعروف: عبد الجليل ياسين، مساجلات شعرية (١).
ومما نقل من شعره:
إلهي بعفو يا رب أطمع ... فلا تخزني يومًا به الخلق تجمع
وخذ بيدي ذات اليمين وأعطني ... كتابي باليمنى فعفوك أوسع (٢)
المبحث الخامس عقيدته، ومذهبه
أما مذهبه الفقهي فهو المذهب الحنبلي. أثبت ذلك هو بخط يده في عنوان كتابه "الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات" حيث جاء فيه:
جمع الفقير إلى عفو ربه الغني عثمان بن عبد اللَّه بن جامع النجدي الحنبلي. عفا اللَّه عنه وعن جميع المسلمين بمنه وكرمه (٣). اهـ
وكذا جاء في بعض الوثائق التي حررها بيده (٤).
وقد اتفق من ترجمه على ذلك (٥).
أما عقيدته:
فهو مناوئ للدعوة الإصلاحية دعوة الحق التي قام بها الشيخ الإمام
_________
(١) ينظر: ديوان عبد الجليل الطبطبائي (٢٥٧).
(٢) "سبائك العسجد" (ص ١٠٦) وينظر: "علماء نجد" (٥/ ١١٢).
(٣) الورقة الأولى من مخطوطة "الفوائد المنتخبات".
(٤) ينظر: "القضاء والأوقاف في الأحساء والقطيف وقطر" للدكتور عبد اللَّه بن ناصر السبيعي (ص ١٨٧).
(٥) ينظر: "سبائك العسجد" (ص ٦٠) و"السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة" (٢/ ٧٠١، ٧٠٢) و"التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية" لمحمد بن خليفة النبهاني (ص ١١٢).
المقدمة / 11
شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب -رحمه اللَّه تعالى رحمة واسعة- كيف لا يكون كذلك وشيخه ابن فيروز ألدُّ أعداء الدعوة، وحامل لواء الطعن فيها.
ومن ثمراته في ذلك: المؤلف -عفا اللَّه عنهما- فقد تأثر بشيخه، حتى كان غيضه على الدعوة وأهلها ليفيض في عبارته التي جاءت في ثنايا مؤلَّفه هذا، فشانه بها، حيث قال في كتاب الصلاة (ص ٢٠٧) عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب: (طاغية العارض) وقد رددت عليه هناك، فأغنى عن إعادته.
وهذا يدل على خلل في العقيدة عنده، لأن المعارضة للشيخ محمد بن عبد الوهاب إنما هي معارضة لما وضحه وقرره من عقيدة السلف الصالح أهل السنة والجماعة، فالطعن فيه دلالة على سوء عقيدة الطاعن.
وهذا منهج للسلف ﵃ يعرفون سوء عقيدة المرء بطعنه في علماء السنة وقدحه فيهم.
أخرج اللالكائي في "السنة" (١) عن أحمد بن عبد اللَّه بن يونس أنه قال:
امتحن أهل الموصل بمعافى بن عمران، فإن أحبوه فهم أهل السنة، وإن أبغضوه فهم أهل بدعة، كما يمتحن أهل الكوفة بيحيى.
وعن قتيبة أنه قال: إذا رأيت الرجل يحب أهل الحديث مثل يحيى بن سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه -وذكر قومًا آخرين- فإنه على السنة. ومن خالف هؤلاء فاعلم أنه مبتدع.
قلت: محمد بن عبدالوهاب في زمنه كأحمد بن حنبل في زمنه.
ومما يكشف عقيدة المؤلف أنه ذكر في الكتاب (ص ٢٠٥، ٢٠٦) عبد القادر الجيلاني، فقال: شيخنا. ويعني بذلك أنه على الطريقة الصوفية المنسوبة إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني -رحمه اللَّه تعالى- وهي مشتملة على
_________
(١) المسمى: "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (١/ ٦٦، ٦٧).
المقدمة / 12
بدع معروفة، وخرافات مرفوضة (١).
المبحث السادس وفاته، ورثاء الناس له
أرَّخ ابن حميد وفاته بسنة (١٢٤٠ هـ) (٢) وفي "علماء نجد" (٣) لابن بسام أن وفاته كانت بالبحرين.
المبحث السابع شيوخه
أخذ المؤلف العلم في عدة بلدان هي: الأحساء، موطنه، ومكة، والمدينة، وسافر -أيضًا- إلى الشام، وحلب. وقد تلقى عن جماعة من أهل العلم في تلك البلدان. بيد أنه لم يُسَمَّ من شيوخه سوى:
١ - عبد اللَّه بن محمد بن عبد الوهاب بن فيروز، من وهبة تميم، نجدي الأصل، حيث أن آل فيروز انتقلوا من بلدة أشيقر بالوشم إلى الأحساء (٤). ولد في ٦ شعبان سنة ١١٠٥ هـ كما ذكر ذلك ابنه محمد (٥).
هو من فحول العلماء، أثنى على معرفته بعقيدة الإمام أحمد: الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن في "المقامات" (٦): ثم إن شيخنا ﵀
_________
(١) ينظر: "الشيخ عبد القادر الجيلاني وآراؤه الاعتقادية والصوفية" للدكتور سعيد بن مسفر القحطاني.
(٢) "السحب الوابلة" (٢/ ٧٠٢).
(٣) (٥/ ١١٢).
(٤) "روضة الناظرين" للقاضي (٢/ ٨٣).
قال في "النعت الأكمل" (ص ٢٩٢): النجدي الأحسائي. اهـ
(٥) نقله عنه في "علماء نجد خلال ثمانية قرون" (٤/ ٤٨٧).
(٦) كما في "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" (٩/ ٢١٦).
المقدمة / 13
تعالى -يعني الشيخ محمد بن عبدالوهاب-: رحل إلى الأحساء، وفيها فحول العلماء، منهم عبد اللَّه بن فيروز -أبو محمد الكفيف- ووجد عنده من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ما سُرَّ به، وأثنى على عبد اللَّه هذا بمعرفته بعقيدة الإمام أحمد. . اهـ
وقال ابن حميد (١): مَهَرَ في الفقه وأصوله، وأصول الدين، وغيرهما، ودرَّس، وأفتى، وأجاب على أسئلة عديدة بأجوبة سديدة، وكان دينًا، صينًا، تقيًّا، نقيًّا، ذا أوراد وتأله وعبادة. اهـ وكانت وفاته في رجب، سنة ١١٧٥ هـ، كما أثبته الغزي في "طبقاته" (٢) ونقل ابن بسام (٣) عن ابنه محمد أنه توفي فجر يوم الأحد، السادس من رجب، في السنة المذكورة.
وقد درس عليه المؤلف الشيخ عثمان، كما أثبت ذلك محمد بن فيروز في إجازته له. حيث قال:
وقرأ على الوالد قليلًا من "مختصر المقنع" (٤) اهـ
٢ - محمد بن عبد اللَّه بن محمد بن عبد الوهاب بن فيروز.
ابن للسابق، ولد في المبرَّز التابع لمدينة الأحساء في ١٨ ربيع الأول ١١٤٢ هـ وكفَّ بصره بالجدري، وهو ابن ثلاث سنين (٥). أخذ العلم عن والده، وعن الشيخ محمد بن عفالق، والشيخ محمد حياة السندي المدني، وغيرهم.
عالم متقن، سيما في الفقه، درس على يده خلق كثير من أهل الأحساء، وغيرهم، وتخرَّجوا عليه (٦).
_________
(١) "السحب الوابلة" (٢/ ٦٥٣).
(٢) المسمى "النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل" (ص ٢٩٢).
(٣) نقله ابن بسام في "علماء نجد خلال ثمانية قرون" (٥/ ١١٠).
(٤) "السحب الوابلة" (٣/ ٩٦٩، ٩٧٠) و"علماء نجد خلال ثمانية قرون" (٦/ ٢٣٩).
(٥) المصدران السابقان. و"روضة الناظرين" (٢/ ٢٠٨).
(٦) نقله ابن بسام في "علماء نجد" (٥/ ١١٠).
المقدمة / 14
وممن تخرج عليه المؤلف الشيخ عثمان، حيث لازمه ملازمة تامة.
قال عنه ابن فيروز: ثم اشتغل على الفقير في الفقه والفرائض والعربية، ففتح اللَّه عليه (١). اهـ
٣ - قرأ المؤلف على علماء في مكة، والمدينة (٢)، ولم يسمِّ المترجمون له هؤلاء العلماء.
المبحث الثامن تلاميذه
نص المترجمون على أن المؤلف قد قام بالتدريس في البحرين، وفي الزبير -أيضًا- (٣) إلا أنهم لم يسموا أحدًا ممن درس على يده.
حتى أنهم لم يذكروا ابنه عبد اللَّه من تلاميذه، بل جاء في ترجمة عبد اللَّه بن عثمان بن جامع:
أخذ العلم هو ووالده عن الشيخ محمد بن فيروز (٤).
المبحث التاسع مكانته العلمية، وفيه مطلبان
المطلب الأول: الجوانب العلمية
برز المؤلف في علم الفقه، خصوصًا الحنبلي. ومؤلفه هذا يدل على عنايته الفائقة بالفقه الحنبلي، وإدراكه فيه إدراكا جيدًا، وقد أثنى عليه في هذا الجانب جماعة من المتمكنين فيه:
فشيخه محمد بن فيروز يثني عليه بقوله:
_________
(١) "سبائك العسجد" (ص ٦٠).
(٢) "السحب الوابلة" (٢/ ٧٠٢) و"سبائك العسجد" (ص ٦٠) و"علماء نجد" (٥/ ١٠٩).
(٣) "علماء نجد خلال ثمانية قرون" (٤/ ٣٠٦).
(٤) نقله عنه ابن بسام في "علماء نجد" (٥/ ١١٠).
المقدمة / 15
ثم اشتغل على الفقير -يعني نفسه- في الفقه والفرائض والعربية، ففتح اللَّه عليه، وأدرك إدراكًا تامًّا. اهـ (١)
وقال عثمان بن سند النجدي ثم البصري (٢) اهـ:
تصدَّر في السادة الحنبلية (٣).
وقال ابن حميد في "السحب الوابلة" (٤):
الفقيه، النبيه، الورع، الصالح. اهـ
كما أن المؤلف له إلمام بالفرائض والنحو، كما أشار إلى ذلك شيخه ابن فيروز.
كما أن له إلمامًا بعلم الحساب، والأدب. أشار إلى ذلك ابن سند في ترجمته له (٥).
المطلب الثاني: وصفه من حيث التقليد والاجتهاد
ليس المؤلف من أهل الاجتهاد، بل هو مقلدٌ، وكتابه هذا واضح في أن المؤلف متقيد بالمذهب، وليس له اجتهادات فقهية، لا في المذهب، ولا خارج المذهب.
المبحث العاشر مؤلفاته عامة ومنهجه فيها
لم يذكر المترجمون للمؤلف مؤلفات سوى كتابه: "الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات" وسيأتي الحديث عنه مفصلًا.
_________
(١) عالم، مناوئ للدعوة الإصلاحية، يطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية. له ترجمة في "روضة الناظرين عن مآثر علماء نجد وحوادث السنين" (٢/ ١٥١، ١٥٤) و"علماء نجد خلال ثمانية قرون" (٥/ ١٤٣، ١٥٥).
(٢) "سبائك العسجد" (ص ٦٠).
(٣) (٢/ ٧٠١).
(٤) "سبائك العسجد" (ص ٦٠).
(٥) "سبائك العسجد" (ص ٥٩).
المقدمة / 16
الفصل الثاني الكلام عن الكتاب المحقق وفيه عشرة مباحث:
المبحث الأول: إثبات نسبة الكتاب إلى المؤلف، ووصف المخطوطة وبيان مكان وجودها.
المبحث الثاني: تعريف موجز بالكتاب.
المبحث الثالث: منزلته بين كتب الفقه بعامة وبين كتب مذهبه بخاصة.
المبحث الرابع: منهجه في الكتاب.
المبحث الخامس: مصادره في الكتاب.
المبحث السادس: الكتاب من حيث التبعية والاستقلال.
المبحث السابع: اختياراته الفقهية في الكتاب.
المبحث الثامن: محاسن الكتاب.
المبحث التاسع: الملحوظات على الكتاب.
المبحث العاشر: الأبواب والفصول التي يتناولها التحقيق.
المقدمة / 17
المبحث الأول إثبات نسبة الكتاب إلى المؤلف ووصف المخطوطة وبيان مكان وجودها
كتاب "الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات" ألفه الشيخ عثمان قطعًا.
وأدلة ذلك: أن الكتاب بخط مؤلفه. وذلك واضح بعد المقارنة بين خط الكتاب وبعض الوثائق التي كتبها ومهرها بخاتمه.
وقد أثبت ذلك الشيخ محمد بن ناصر العجمي في كتابه "نوادر مخطوطات علامة الكويت الشيخ عبد اللَّه بن خلف الدحيان في مكتبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية" (١) حيث قال في وصف النسخة:
نسخها المؤلف في يوم الجمعة في غرة ذي الحجة الحرام سنة ١٢٢٤ هـ بمدينة المبرز في الأحساء، وقد شارك أحد النساخ في بعض الورقات من الكتاب. كما أن الذي جعلني أجزم أنه بخط المؤلف ثلاثة أمور:
(أ) خط المؤلف. فقد سبق في مخطوطة "التيسير" للداني (ص ٢٩) تملك له على هذا المخطوط بخطه، وبالموازنة بينهما تبين أنه نفس الخط.
(ب) كثرة الضرب بالقلم على بعض السطور والكلمات والتصحيح في الحاشية بنفس الخط.
(ب) تاريخ نسخ الكتاب في حياة المصنف. اهـ قلت: وفي بلد المؤلف الأحساء كان النسخ -أيضًا-.
وقد أثبت المترجمون له أن هذا الكتاب من تأليفه. نص على ذلك شيخه ابن فيروز، وابن حميد، وابن سند، وابن بسام في "علماء نجد" وغيرهم (٢).
_________
(١) (ص ٥٢).
(٢) ينظر: "سبائك العسجد" (ص ٦٠) و"السحب الوابلة" (٢/ ٧٠٢) و"علماء نجد" (٥/ ١١٠).
المقدمة / 19
وقال ابن حميد في "الدر المنضد في أسماء كتب مذهب الإمام أحمد" (١): عثمان بن جامع النجدي: [له] شرح "أخصر المختصرات": جلد كبير. اهـ
وهذه المخطوطة منسوخة بخط نسخي مقروء. كتبها المؤلف في الأحساء. وانتهى منها في يوم الجمعة من شهر اللَّه المحرم سنة ١٢٢٤ هـ. وفي بعض الصفحات خط مغاير لخط المؤلف لعله أحد النساخ يعينه في النسخ.
وعدد ورقاتها (٣٧٥) ورقة. في كل ورقة (٢٥) سطرًا، وطول الورقة في عرضها ٢٢ * ١٥ سم. وقد كتب المتن والتبويبات بالحمرة. وفي بعض الصفحات أثر بلل من ماءٍ أو ندى.
وهي محفوظة في مكتبة الشيخ عبد اللَّه بن خلف الدحيان (٢). ثم انتقلت إلى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت. وهي مسجلة عندهم تحت رقم (٣٩) (٣).
المبحث الثاني تعريف موجز بالكتاب
اسم الكتاب الذي سماه به مؤلفه: "الفوائد المنتخبات في شرح أخصر المختصرات".
_________
(١) (ص ٦٢).
(٢) ترجمه ترجمة موسعة الشيخ محمد بن ناصر العجمي في كتابه "علامة الكويت الشيخ عبد اللَّه الخلف الدحيان - حياته إمراسلاته العلمية وآثاره" وله ترجمة في "علماء نجد خلال ثمانية قرون" (٤/ ٩١، ١١١).
(٣) ينظر: "نوادر مخطوطات علامة الكويت الشيخ عبد اللَّه الدحيان في مكتبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (ص ٥٢) وقد حصلت عليها من أخي المفضال الشيخ محمد بن ناصر العجمي، جزاه اللَّه خيرًا، ونفع بعلومه.
المقدمة / 20
فهو شرح على متن من متون الحنابلة، هو:
"أخصر المختصرات في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل" تأليف الشيخ محمد بن بدر الدين بن بلبان الدمشقي الحنبلي. ولد بدمشق سنة ١٠٠٦ هـ تقريبًا. قال الغزي (١): وكان من كبار أصحاب الشهاب أحمد بن أبي الوفا الوفائي المقدم ذكره في الحديث والفقه، ثم زاد عليه في معرفة فقه المذاهب زيادة على مذهبه، فكان يقرئ في المذاهب الأربعة. . انتهت إليه رئاسة العلم بالصالحية بعد وفاة الشيخ علي القبردي. . اتفق أهل عصره على تفضيله وتقديمه. اهـ بتصرف.
ألف مؤلفات في المذهب بديعة، منها:
١ - "مختصر الإفادات في ربم العبادات والآداب وزيادات" (٢).
٢ - متن "كافي المبتدي" (٣) ثم اختصر هذا المتن في:
٣ - "أخصر المختصرات" (٤) وهو الكتاب المشروح بـ "الفوائد المنتخبات" لعثمان بن جامع. وشرح -أيضًا- بكتاب "كشف المخدرات
_________
(١) "النعت الأكمل" (ص ٢٣١، ٢٣٣).
(٢) طبع بتحقيق الشيخ محمد بن ناصر العجمي في دار البشائر الإسلامية ببيروت. سنة ١٤١٩ هـ.
(٣) طبع مفردًا بالمطبعة السلفية بمصر. وطبع مع شرحه: الروض الندي شرح كافي المبتدي، لأحمد بن عبد اللَّه البعلي. في المطبعة السلفية بمصر. بدون تاريخ.
(٤) وهو قد نص على ذلك في مقدمة "أخصر المختصرات" (ص ٨٥) حيث قال: (أما بعد فقد سنح بخلدي أن أختصر كتابي المسمى بـ "كافي المتبدي". . .) اهـ وقد نقل الشيخ الدكتور بكر بن عبد اللَّه أبو زيد في كتابه "المدخل المفصل" (٢/ ٨٠٠) هذه الفائدة من "المدخل" لابن بدران، وكأن ابن بدران هو الذي أبرزها، ولو كان رجع لهذا المتن الشهير في كتب الحنابلة لعلم أن مؤلفه قد نص على ذلك وسبق إليه، ولما احتاج إلى قوله بعد نقل كلام ابن بدران: (ومن هذا البيان يتضح أن "أخصر المختصرات" مختصر من "كافي المبتدي") اهـ.
المقدمة / 21