الإجازة منه في عنفوان شبابي في المشهد المقدس الغروي في أوائل سنة سبع بعد الألف وهو السيد السند والعلامة الأوحد صاحب كتاب المدارك ( شرح الشرائع ) في أوائل ذلك الكتاب : الإجماع إنما يكون حجة مع العلم القطعي بدخول قول المعصوم عليه السلام في جملة أقوال المجمعين ، ولو اريد بالإجماع المعنى المشهور لم يكن حجة ، لانحصار الأدلة الشرعية في الكتاب والسنة والبراءة الأصلية (1) انتهى كلامه رحمه الله *.
أقول : كلام شيخنا وسيدنا رحمه الله صريح في عدم حجية الإجماع واستصحاب الأحكام الشرعية ، وفي أن الدليل عنده منحصر في ثلاثة ، ومن المعلوم كما سيجيء تحقيقه أن البراءة الأصلية إنما يثبت بها نفي الحكم الشرعي لا نفسه ، فيلزم من ذلك انحصار الدليل على الحكم الشرعي في اثنين ، ومن المعلوم أن حال الكتاب والحديث النبوي لا يعلم إلا من جهتهم عليهم السلام ، فتعين الانحصار في أحاديثهم عليهم السلام كما سيجيء تحقيقه إن شاء الله تعالى.
وأما آخر مشايخي في فن الفقه والحديث والرجال وهو مولانا العلامة المحقق والفيلسوف المدقق أفضل المحدثين وأعلم المتأخرين بأحوال الرجال وأورعهم الميرزا محمد الأسترآبادي المجاور بحرم الله المدفون عند خديجة الكبرى ، وقد استفدت منه في مكة المعظمة من أوائل سنة خمس عشرة بعد الألف إلى عشر سنين ، وأجاز لي أن أروي عنه جميع ما يجوز له روايته قدسسره فقد عرضت عليه ما
* إن ما نقله عن السيد في عدم حجته الإجماع مطلقا غير صحيح ، لأن الذي نقله عنه ثبوت حجيته إذا علم دخول قول المعصوم في جملة أقوال المجمعين وذلك لا ينفي حجيته مطلقا. وما ذكره في البراءة الأصلية غير مستقيم ، لأن قولهم عليهم السلام : ما حجب الله علمه عن العباد موضوع عنهم (2) صريح في أن حكم الشرع براءتهم منه ، فهو من جملة الأدلة الشرعية الدالة على توقف ثبوت الحكم بالتكليف الشرعي على ورود الشرع به وعدم التكليف إذا لم يرد ، فكونها دليلا شرعيا ثبوته ظاهر ، والمصنف خطأه واضح هنا في كل من الدعويين.
مخ ۵۹