على العموم بقوله : « انظروا إلى رجل منكم قد روى حديثنا وعرف أحكامنا فاجعلوه قاضيا فإني قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه » (1) وفي بعض الأخبار (2): « فارضوا به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما ، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما بحكم الله استخف وعلينا رد والراد علينا راد على الله وهو على حد الشرك بالله عز وجل » (3) انتهى كلامه أعلى الله مقامه .
أقول : المراد من الآية الشريفة ونظائرها سلوك طريق مهده الله تعالى وأوجب سلوكها ، وهو الإقرار والاعتراف بما جاء به صاحب المعجزة ، ثم أخذ كل ما يحتاج إليه من الأحكام الشرعية منه بواسطة أو بدونها.
وأقول : زعم جمع من متأخري أصحابنا دلالة هذين الخبرين وأشباههما على وجوب اتباع ظن صاحب الملكة المخصوصة ، سواء استند ظنه إلى استصحاب حكم سابق على طرق (4) الحالة الجديدة ، أو إلى البراءة الأصلية ، أو إلى عموم آية أو إطلاقها أو إلى ملازمة عقلية قطعية بزعمهم ، أو إلى جمع بين حديثين متعارضين بتأويل بعيد ، أو إلى غير ذلك من أسباب الظن. والمنصف اللبيب يقطع بعدم دلالتها على ما زعموه وبدلالتها على الرجوع إلى رواة أحاديثهم عليهم السلام كما صرح به إمام الزمان ناموس العصر والأوان صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وسيجيء توضيحه في كتابنا هذا.
وذكر [ بحر العلوم المؤيد من الحي القيوم ] (5) علامة المشارق والمغارب العلامة الحلي رحمه الله في كتابه المسمى ب « مبادئ الوصول إلى علم الاصول » في باب الاجتهاد : الحق أن المصيب واحد وأن لله تعالى في كل واقعة حكما معينا ، وأن عليه دليلا ظاهرا لا قطعيا ، والمخطئ بعد الاجتهاد غير مأثوم (6) انتهى كلامه رحمه الله *.
* هذا كلام المحقق رحمه الله صريح في أن الأدلة ظنية لا قطعية وحقية الاجتهاد ، وأن المخطئ
مخ ۴۱