فاوست
فاوست: صورة مسرحية شعرية للشاعر جوته وقصائد متفرقة للمترجم
ژانرونه
وعلى الرغم من أننا نجهل على وجه الدقة بداية تفكير جوته في استخدام أسطورة فاوست، فإننا نستنبط من طبيعة العصر الذي نشأ فيه، مثل مارلو من قبله، أنه وجد فيها إمكانات هائلة للإبداع في زمن التحولات ونشأة المذهب الهوماني وتحدي ما يسمى بالمؤسسة الثقافية، وكان ذلك على الأرجح إما أثناء دراسته الجامعية في لايبزيج في الستينيات من القرن الثامن عشر، أو بعدها بقليل. ويرجع أحد الأسباب إلى انتمائها إلى الأدب الشعبي مجهول المؤلف الذي كانت الذائقة السائدة في القرن الثامن عشر تستهجنه. وفي مقابل ذلك كان الحماس الرومانسي الذي نعرفه خير المعرفة في الأدب الإنجليزي في تلك الفترة، والمستوحى من كتابات جان جاك روسو
Rousseau
الفرنسي؛ يعلي من شأن كل ما هو طبيعي أو بدائي، أو ما لم يتأثر بالتعليم أو ما لم تفسده يد الإنسان. وقد بلغ هذا الحماس أقصاه عند اليافع جوته وأبناء جيله الذين ينتمون كما هو معروف إلى حركة «العاصفة والقهر» (مجدي وهبة)، وخصوصا من رافقوا جوته واتبعوا مذهبه. وفي عقد السبعينيات من القرن الثامن عشر تعلم جوته من الفيلسوف والأديب هيردر
Herder (1744-1803) التقدير الشديد للقصص الشعبية والمواويل الغربية القديمة، مثلما حدث في إنجلترا للشاعرين وردزورث وكولريدج بعد عقدين، وقد تجلى إيمان جوته بالتراث الشعبي في الصورة الأولى لمسرحية فاوست
Urfaust
وفي شعره المبكر.
ولكن الباحثين يؤكدون أن هذا الاتجاه كان مدفوعا إلى حد كبير بنشدان الماضي القومي باعتباره تراثا مترابطا يمثل الروح الألمانية في وقت لم تكن ألمانيا فيه قد أصبحت أمة واضحة الهوية الثقافية. ويدل على ذلك ما أبدعه جوته في هذا الوقت من أدب يوحي بالبحث عن الأسلاف، ورصد الجذور؛ إذ انصب اهتمامه على ما يسمى «العصر العظيم» وكبار المفكرين الألمان من رويشلين وهاتين إلى باراسيلوس ولوثر وساخس. ومن الطريف أنه كتب في السبعينيات من القرن 18 أيضا مسرحيته التاريخية عن حياة «الفارس ذي القبضة الحديدية» جوتفريد فون برليشينجين
Gottfried von Berlichingen
ونشرها عام 1773 بهذا العنوان نفسه، ويرفع فيها هذا البارون اللص (1480-1562) إلى مرتبة الأبطال؛ لأنه كان يناصر القيم البسيطة «الطبيعية» في ألمانيا ضد مظاهر الحذلقة والتصنع في البلاط الألماني، وكان يوازيها في عصره أفراد الطبقة الأرستقراطية الذين كانوا يتحدثون الفرنسية، وكان على النهضة الأدبية المنتمية للطبقة الوسطى في ألمانيا أن تعارضها. وكان من أهم مظاهر هذا العمل الدرامي ثورته على القيم الدرامية الكلاسيكية، وهي التي كانت الذائقة الفرنسية قد فرضتها على الأدب الألماني، والشعر المسرحي خصوصا، على نحو ما نرى في بناء الصورة الأولى لمسرحية فاوست.
ودارسو الأدب الإنجليزي يجدون في خضم هذه الثورة ما ألفوه في ذلك الأدب في مطلع القرن التاسع عشر، فلقد سبق جوته في قصيدته بروميثيوس (التي ترجع إلى هذه الفترة) معالجة الشاعر شلي للأسطورة نفسها؛ فقد حرره جوته، وأمكن للشاعر الإنجليزي أن يكتب بروميثيوس طليقا واثقا من هدفه. ولكننا نعرف أن شلي اتهم بالإلحاد وفصل من جامعة أوكسفورد، وكان مارلو مهددا بالمحاكمة بتهمة الإلحاد هو الآخر في الوقت الذي توفي فيه عام 1593؛ إذ كان قد أضفى على بطله فاوستوس لمسة بطولية وهبته وقارا لم تكن المؤسسة الدينية تراه فيه، خصوصا في المشهد الأخير من المسرحية. ولكن الزمن كان قد دار دورته في عصر جوته ، وأصبح من المقبول أن يتغاضى الناس عن مصير فاوست، بعد أن ضعف الاتجاه القديم إلى إحراق المارقين والساحرات (والسحرة) أو حتى المتهمين بالإيمان بالشيطان! وكان جوته لا يستبعد إمكان توبة الخاطئين، مثل كبار فلاسفة حركة التنوير الأوروبية، ولم يكن أول من نظر في إمكان خلاص فاوست، خصوصا بعد أن كتب ليسينج
ناپیژندل شوی مخ