The Fatwa of Sheikh al-Islam on the Ruling of Those Who Change the Laws of Islam
فتوى شيخ الإسلام في حكم من بدل شرائع الإسلام
البقعة ويأخذون ما فيها من الأموال، ويعظمون الرجل ويتركونه به، ويسلبونه ما عليه من الثياب ويسبون حرمه ويعاقبونه بأنواع العقوبات التي لا يعاقب بها إلا أظلم الناس وأجرمهم. والمتأول تأويلاً دينياً لا يعاقب إلا من يراه عاصياً للدين، وهم يعظمون من يعاقبونه في الدين، ويقولون إنه أطوع لله منهم، فأي تأويل بقى لهم؟ ثم لو قدر أنهم متأولون لم يكن تأويلهم سائغاً، بل تأويل الخوارج ومانعي الزكاة أوجه من تأويلهم.
أما الخوارج فإنهم ادعوا اتباع القرآن وأن ما خالفه من السنة لا يجوز العمل به. وأما مانعو الزكاة فقد ذكروا أنهم قالوا إن الله قال لنبيه: (خذ من أموالهم صدقة)، وهذا خطاب لنبيه فقط فليس علينا أن ندفعها لغيره. فلم يكونوا يدفعونها لأبي بكر ولا يخرجونها له. والخوارج لهم علم وعبادة والعلماء معهم مناظرات كمناظراتهم مع الرافضة والجهمية. وأما هؤلاء فلا يناظرون على قتال المسلمين. فلو كانوا متأولين لم يكن لهم تأويل يقوله ذو عقل(١).
وقد خاطبني بعضهم بأن قال: ملكنا ملك ابن ملك ابن ملك إلى سبعة أجداد، وملككم ابن مولى. فقلت له: آباء ذلك الملك كلهم كفار، ولا فخر بالكافر، بل المملوك المسلم خير من الملك الكافر. قال الله تعالى: (ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم).
فهذه وأمثالها حججهم.. ومعلوم أن من كان مسلماً وجب عليه أن يطيع المسلم ولو كان عبداً ولا يطيع الكافر. وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اسمعوا وأطيعوا وإن أمِّر عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ما أقام فيكم كتاب الله). ودين الإسلام إنما يفضل الإنسان بإيمانه وتقواه لا بآبائه ولو كانوا من بني هاشم أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم. فإن الله خلق الجنة لمن أطاعه وإن كان عبداً حبشياً وخلق النار لمن عصاه وإن كان شريفاً قرشياً. وقد قال تعالى :
(١) وعليه فمن قبل تأويل الخارجين عن الشرائع المقاتلين للمسلمين على دينهم - أن كان لهم ثمة تأويل يدعونه - فهو إما رجل لا عقل له وإما رجل لا يعرف التوحيد. راجع هامش صفحة ٣٥
kutub-pdf.net
36