د رباني له فتاواو نه فتح
الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني
ایډیټر
أبو مصعب «محمد صبحي» بن حسن حلاق [ت ١٤٣٨ هـ]
خپرندوی
مكتبة الجيل الجديد
د خپرونکي ځای
صنعاء - اليمن
الجاهلية، أو أطلق عليه اسما آخر فلا اعتبار بالاسم قط. ومن لم يعرف هذا فهو جاهل لا يستحق أن يخاطب بما يخاطب به أهل العلم (١).
وقد علم كل عالم أن عبادة الكفار (٢) للأصنام لم تكن إلا بتعظيمها، واعتقاد أنها تضر وتنفع الاستغاثة بها عند الحاجة، والتقريب لها في بعض الحالات بجزء من أموالهم، وهذا كله قد وقع من المعتقدين في القبور، فإنهم قد عظموها إلى حد لا يكون إلا لله -سبحانه-، بل ربما يترك العاصي منهم فعل المعصية إذا كان في مشهد من يعتقده أو قريبا منه، مخافة تعجيل العقوبة من ذلك الميت، وربما لا يتركها إذا كان في حرم الله [٢١]، أو في مسجد من المساجد، أو قريبا من ذلك. وربما حلف بعض غلاتهم بالله كاذبا، ولم يحلف بالميت الذي يعتقده، وأما اعتقادهم أنها تضر وتنفع فلولا اشتمال ضمائرهم على هذا الاعتقاد لم يدع أحد منهم ميتا أو حيا عند استجلابه لنفع، أو استدفاعه لضر قائلا: يا فلان افعل لي كذا أو كذا، وعلى الله وعليك، وأنا بالله وبك، وأما التقريب للأموات (٣) فانظر ما يجعلونه من النذور لهم، وعلى قبورهم في كثير من
(١) انظر " مجموع فتاوى " (١/ ١٢٥ - ١٣٠) لابن تيمية.
(٢) انظر " مجموع فتاوى " (١/ ١٥٦ - ١٥٨) لابن تيمية.
(٣) اعلم أن هذه النذور التي يقدمها المتصوفة والقبوريون لأوليائهم تتضمن من العقائد ما هو أخطر من مجرد الذبح لغير الله، وهو اعتقادهم أن الحياة والموت بيد المنذور له وهو شرك في الربوبية.
أن المسائل العقدية ليست مجالا للمجاملات -فالأمر بالمعروف وفي مقدمته الأمر بإخلاص العبادة لله- والنهي عن المنكر، وفي مقدمته النهي عن الشرك بالله- يقتضيان من المسلم الواعي أن يقدم النصح الخالص لكل متلبس بالشرك، خصوصا الأقارب وليعد ذلك أكبر مظهر من مظاهر صلة الرحم.
أن عقيدتهم في تقديم النذور لأهل القبور -رغم ما فيها من مخاطر على دين المرء- تتضمن أيضًا المنع من الأخذ بالأسباب الشرعية في معالجة الأمراض البدنية- ليس عن طريق إساءة فهم التوكل كما قد يقع للبعض- ولكن عن طريق المعالجة بمن لم يجعل الله الشفاء في يده، بل نهى عن قصدهم فتراهم يذبحون للضريح الفلاني وينذرون لقبر الولي الفلاني، كما يتقربون إلى شياطين الجن والأنس، وآخر ما يفكرون فيه هو الابتهال إلى الله واللجوء إلى الطب الشرعي وفي هذا خطر كبير على صحة الإنسان.
أن القبوريين الذين صرفوا أنواع النذور من القرابين والأموال والستور والشموع والسرج للأضرحة داخلون تحت لعن الله وأفعالهم مشابهة لأفعال عباد الكنائس وبيوت الأصنام.
أكل تلك الأموال حرام على سدنة القبور.
النذر للأضرحة إضاعة للمال ووضع له في غير موضعه وهو وجه من أوجه التحريم.
أن قبول سدنة القبور لنذور الناذرين يتضمن تدليسا قبيحا وقلبا لموازين الحق، لأن فيه تقريرا للناذر على شركة، ورضي بذلك الشرك وفيه إيهام له بأن المنذور له ينفعه أو يضره، خاصة إذا كان السادن من المتظاهرين بالزهد والورع.
انظر: عقيدة المسلم (ص ٧٧) و" مصرع الشرك والخرافة " (ص ٢١٩ - ٢٢١).
1 / 340