171

د رباني له فتاواو نه فتح

الفتح الرباني من فتاوى الإمام الشوكاني

پوهندوی

أبو مصعب «محمد صبحي» بن حسن حلاق [ت ١٤٣٨ هـ]

خپرندوی

مكتبة الجيل الجديد

د خپرونکي ځای

صنعاء - اليمن

ونحو ذلك، وإني لأكثر التعجب من تلقي هذه الأمة المرحومة لما ورد عن نبيها الصادق المصدوق ﷺ من النهى عن ذلك والزجر عنه والتحذير منه بعكس ما ينبغي وخلاف ما يجب، مع مبالغته في ذلك كلية المبالغة، حتى كان من آخر ما قاله في مرضه الذي قبضه الله فيه: " لا تتخذوا قبري مسجدا، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " (١)، ثم كان أول ما فعلته الأمة من العمل بهذه السنة الصحيحة والقبول لها أن وضعوا [٢٤] على قبره الشريف هذه العمارة، وكان الشروع فيها قبل انقضاء القرن الذي هو خير القرون بعد قرن الصحابة ﵃، ثم انفتح باب الشر إلى جميع أقطار الأرض، وطبق مشارقها ومغاربها وبدوها وحضرها. فإن لله وإنا إليه راجعون. ومن عظيم اهتمامه ﷺ هذا الأمر أنه بعث بهدم القبة المشرفة أميرا من أهله هو علي بن أبي طالب ﵁، كما ثبت في الصحيح (٢) أن عليا قال لأبي الهياج: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ "أن لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته ولا تمثالا إلا طمسته" والأحاديث في هذا الباب وفي منع الكتابة والتجصيص والتسريج كثيرة ثابتة من طريق جماعة من الصحابة قد استوفيتها في كثير من مؤلفاتي. وفي هذا المقدار كفاية لمن له هداية، وبه يعرف جواب ما سأل عنه السائل كثر الله فوائده في البحث الثالث من مباحث السؤال الأول، وعلى الله في جميع الأمور المعول. وحاصله أن الذي يجب علينا عند الوقوف على شيء مما فيه ما لا يجوز اعتقاده من مؤلفات المتقدمين أو أشعارهم أو خطبهم أو رسائلهم أن يُحكم على ذلك الموجود بما يستحقه ويقتضيه، ونوضح للناس ما فيه، ونحذرهم عن العمل به والركون إليه، ونكل أمر قائله إلى الله مع التأول له بما يمكن، وإبداء المعاذير له بما لا يرده الفهم ويأباه العقل ولم يكلفنا الله سبحانه غير هذا ولا واجب علينا سواه.

(١) سيأتي تخريجه في رسالة " الدر النضيد" ضمن هذا القسم برقم (٤). (٢) أخرجه مسلم رقم (٩٣/ ٩٦٩) وأبو داود رقم (٣٢١٨) والنسائي (٤/ ٨٨ رقم ٢٠٣١) وأحمد (١/ ٨٩) والترمذي في السنن رقم (١٠٤٩). وهو حديث صحيح.

1 / 199