الإيمان. وتطهيره من أنجاس تلك الأجناس، وأدناس أدنى الناس. وإفحام الأفهام بإخراس الأجراس.
وطار الخبر إلى القدس فطارت قلوب من به رعبا وطاشت، وخفقت أفئدتهم خوفا من جيش الإسلام وجاشت، وتمنت الفرنج لما شاعت الأخبار إنها ما عاشت. وكان به من مقدمي الإفرنج (باليان بن بارزان) و(البطرك الأعظم) ومن كلا الطائفتين الاسبتارية والداوية المقدم. فاشتغل بال باليان واشتعل بالنيران، وخمدت نار بطر البطرك. وضاقت بالقوم منازلهم فكأن كل دار منها شرك للمشرك. وقاموا بالتدبير في مقام الادبار، وتقسمت أفكار الكفار. وأيس الفرنج من الفرج، وأجمعوا على بذل المهج.
ذكر كنيسة قمامة
وقالوا هنا نطرح الرؤوس، ونسبك النفوس. ونسفك الدماء، ونهلك الدهماء. ونصبر على اقتراح القروح، واجتراح الجروح، ونسمح بالأرواح شحا بمحل الروح. فهذه قمامتنا، فيها مقامتنا، ومنها تقوم قيامتنا، وتصيح هامتنا، وتصح ندامتنا، وتسيح علامتنا. وتسح غمامتنا، وبها غرامنا وعليها غرامتنا، وبإكرامها كرامتنا، وبسلامتها سلامتنا، وباستقامتها استقامتنا، وفي استدامتها استدامتنا. وأن تخلينا عنها لزمت لآمتنا، ووجبت ملامتنا. ففيها المصلب والمطلب، والمذبح والمقرب؛ والمجمع والمعبد، والمهبط والمصعد. والمرقى والمرقب، والمشرب والملعب، والمموه والمذهب. والمطلع والمقطع، والمربى والمربع. والمرخم والمحخرم، والمحلل والمحرم. والصور والأشكال، والأنظار والأمثال، والآساد والأشبال. والأشباه والأشباح، والأعمدة والألواح، والأجسام والأرواح.
وفيها صور الحواريين في حوارهم، والأحبار في أخبارهم، والرهابين في صوامعهم، والاقساء في مجامعهم. والسحرة وحبالها، والكهنة وخيالها. ومثال
السيدة والسيد، والهيكل والمولد. والمائدة والحوت، والمنعوت والمنحوت، والتلميذ والمعلم، والمهد والصبي المتكلم. وصورة الكبش والحمار، والجنة والنار. والنواقيس والنواميس.
قالوا وفيها صلب المسيح، وقرب الذبيح، وتجسد اللاهوت، وتأله الناسوت. واستقام التركيب، وقام الصليب. ونزل النور، وزل الديجور. وازدوجت الطبيعة بالاقنوم، وامتزج الموجود بالمعدوم. وعمدت معمودية المعبود، ومخضت البتول بالمولود. وأضافوا إلى متعبدهم من هذه الضلالات، ما ضلوا فيه بالشبه عن نهج
1 / 67