127

فتح القدير

فتح القدير

خپرندوی

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م

د خپرونکي ځای

لبنان

(ثُمَّ إذَا نَوَى الطَّهَارَةَ أَوْ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ أَجْزَأَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ لِلْحَدَثِ أَوْ لِلْجَنَابَةِ) هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. (فَإِنْ تَيَمَّمَ نَصْرَانِيٌّ يُرِيدُ بِهِ الْإِسْلَامَ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يَكُنْ مُتَيَمِّمًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هُوَ مُتَيَمِّمٌ) لِأَنَّهُ نَوَى قُرْبَةً مَقْصُودَةً، بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ. وَلَهُمَا أَنَّ التُّرَابَ مَا جُعِلَ طَهُورًا إلَّا فِي حَالِ إرَادَةِ قُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ لَا تَصِحُّ بِدُونِ الطَّهَارَةِ، وَالْإِسْلَامُ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ تَصِحُّ بِدُونِهَا ــ [فتح القدير] عَلَيْهَا جُمْلَةُ التَّيَمُّمِ: أَعْنِي آيَةَ الْوُضُوءِ إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾ [المائدة: ٦] إلَى آخَرِ آيَةِ التَّيَمُّمِ عَطْفٌ عَلَيْهَا، وَأَنْتَ قَدْ عَلِمْت أَنْ لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ، وَإِنْ أَرَادَ حَالَةَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي إيجَابَ النِّيَّةِ وَلَا نَفْيِهَا، وَأَمَّا جَعْلُ الْمَاءِ طَهُورًا بِنَفْسِهِ مُسْتَفَادًا مِنْ قَوْله تَعَالَى ﴿مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: ٤٨] وَمِنْ قَوْلِهِ ﴿لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ [الأنفال: ١١] فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، إذْ كَوْنُ الْمَقْصُودِ مِنْ إنْزَالِهِ التَّطْهِيرَ بِهِ وَتَسْمِيَتُهُ طَهُورًا لَا يُفِيدُ اعْتِبَارَهُ مُطَهِّرًا بِنَفْسِهِ: أَيْ رَافِعًا لِلْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ بِلَا نِيَّةٍ، بِخِلَافِ إزَالَتِهِ الْخَبَثَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْسُوسٌ أَنَّهُ مُقْتَضَى طَبْعِهِ، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ إزَالَتِهِ حِسًّا صِفَةً مَحْسُوسَةً وَبَيْنَ كَوْنِهِ يَرْتَفِعُ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ اعْتِبَارٌ شَرْعِيٌّ: أَعْنِي الْحَدَثَ، وَقَدْ حَقَّقْنَا فِي بَحْثِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ أَنَّ التَّطْهِيرَ لَيْسَ مِنْ مَفْهُومِ طَهُورٍ فَارْجِعْ إلَيْهِ، وَالْمُفَادُ مِنْ لِيُطَهِّرَكُمْ كَوْنُ الْمَقْصُودِ مِنْ إنْزَالِهِ التَّطْهِيرُ بِهِ، وَهَذَا يَصْدُقُ مَعَ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَعَدَمُهُ كَمَا قُلْنَا، وَلَا دَلَالَةَ لِلْأَعَمِّ عَلَى أَخَصَّ بِخُصُوصِهِ. وَالْحَاصِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الدَّلَالَةِ لَفْظًا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ النِّيَّةِ وَعَدَمِ الدَّلَالَةِ عَلَى وُجُوبِهَا وَهُوَ الثَّابِتُ فِي الْآيَةِ، فَرَجَعَ إسْنَادُ عَدَمِ وُجُوبِ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ إلَى عَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَا وَعَدْنَاهُ فِي سُنَنِ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّهُ يُشْتَرَطُ، قَالَ فِي التَّجْنِيسِ: لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا تَيَمَّمَ يُرِيدُ الْوُضُوءَ أَجْزَأَ عَنْ الْجَنَابَةِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَنْ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَوَى قُرْبَةً مَقْصُودَةً) يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ تَصِحُّ مِنْهُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَوْ تَيَمَّمَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لَمْ يَكُنْ مُتَيَمِّمًا حَتَّى لَا يُصَلِّيَ بِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُصَحِّحُ مِنْهُ تَيَمُّمًا إلَّا لِلْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ وَالْإِسْلَامُ قُرْبَةٌ تَصِحُّ بِدُونِهَا) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِلصَّلَاةِ صَحَّ عِنْدَهُمَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

1 / 131